الباب الثامن والأربعون
في سفر سعادة السلطان من الإسكندرية الى مصر
عزم السيد برغش على السفر من الإسكندرية إلى مصر في اليوم السابع من رجب (١٠ أغسطس) ، فقام منها في رجاله بعد صلاة الظهر ، وركبوا قطار سكة الحديد ، وبعد ٦ ساعات وصلوا مصر القاهرة بعد المغرب بنصف ساعة. ثم نزلوا في دار فسيحة للرّاحة.
ثم حضر (١) أرباب الدولة إلى سعادته وطلبوا إليه أن يخرج معهم ليفرّجوه على زينة البلد تلك الليلة. فإنّ من عادتهم أن يزيّنوا المدينة ليلا بالمصابيح فرحا بفيض النيل (٢) الذي عليه مدار خصب أراضيهم وحسن غلالها. فأجاب السلطان طلبتهم وخرج معهم ، فساروا به إلى النيل في صحبة رجاله.
ثم ركبوا مركبا ، وساروا في النيل يتفرّجون على ما أعده أهل مصر من الزينة. وبعد أن فرغوا من الفرجة باتوا تلك الليلة في السفينة. وبات أهل مصر في أكمل زينة وسرور.
وكانت مصابيح كثيرة معلّقة في سفينة السلطان ومشاعل عديدة موقودة في البرّ حذاء سراية الخديو. وكانوا قد اتخذوا ألعابا من البارود تتطاير في الهواء على هيئات مختلفة.
ولما أشرق ضوء الصّباح ، وتلألأ بنوره الوضّاح ، وافى رجال الخديو إلى سعادة السلطان ، وأخرجوه إلى مكان فيض النيل. فلما نزلوا إلى البرّ رأوا ميدانا واسعا قد اجتمعت إليه العساكر النظامية. وعند وصول السيد إليهم رفعوا أسلحتهم للسّلام على سعادته. ثم
__________________
(١) أ : وافى
(٢) عن فيض النيل وذكر مقاييسه وزيادته يراجع : المقريزي : الخطط ١ / ٥٧ ـ ٦١