الباب الثامن والثلاثون
في تشريف سعادة السلطان لدار الولاية بمنشستر
أرسل والي منشستر يرجو سعادة السلطان أن يشرّف دار الولاية. فإنّ عمدة المدينة عازمة (١) على تقديم فروض الترحاب الرسمي لسعادته. فأجاب السيد طلبته ، وركب مركبته ، وسار في رجاله إلى دار الولاية.
وكانت العمدة قد صرفت عنان العناية إلى تزيين دار الولاية زينة تليق بملك جليل ، وفرشوا أرضها بطنافس قرمزية وأوراق الغار وأصناف الزهور الجميلة ، وكانوا قد خصصوا في قاعة الاستقبال أماكن عالية لجلوس السيدات حرم أعيان البلد.
فلما وصل السيد إلى دار الولاية رأى الناس مزدحمين عليها ازدحاما غريبا ، وقطعوا الطريق على مرور مركبته ومركبات رجاله. فمست الحاجة إلى حضور الشرطة وحراس المدينة لمنع الناس من الازدحام وفتح الطريق لمرور سعادته ورجاله. وكان الشعب لا ينفك من الصياح والتحبيذ لسعادته إلى أن هطل مطر غزير ملأ أفواههم بماء الغمام ، وسدّ حناجرهم عن الصياح ، وبلّ ثيابهم حتى اضطروا إلى الفرار. وكانت فرقة من العساكر الخيالة قد رافقت سعادة السلطان من المنزل إلى دار الولاية.
ولما دخل السيد قاعة الاستقبال نهض الجميع في سلامه ، ورحبوا بقدومه ، وصافحوه ، وهنأوه بالسلامة. أما السيدات اللاتي كنّ حاضرات فسلّمن عليه بنشر مناديلهن البيضاء وتحريكها بأيديهن علامة السرور كمألوف عادة نساء الإنكليز. وأما سار جوزف هيرون فلما رأى ما فعلته النساء من نشر مناديلهن ، قال : " إن سعادة السلطان قد سرّ بتحريك مناديل
__________________
(١) عازمة تعود على عمدة المدينة وهي تعني مسؤولي البلدية