وقلبوا الوزارة ، وعاد الذين أوجدوا الدستور إلى استلام أزمة الأحكام ، فهتف لهم الشعب العثماني بأجمعه هتاف الفرح ، وما لبث محمود شوكت باشا الذي أصبح صدرا أعظم أن رفض شروط الأعداء ، وزحف أنور باشا في طليعة فريق من البواسل ، فاسترجع أدرنة التي كانت قد اضطرت إلى التسليم بعد حصار شهور عديدة ، فازداد تعلق الجيش والشعب بهذا الرجل النادر المثال بعد استرجاع أدرنة.
وبعد الفاجعة بمقتل محمود شوكت باشا جعل أنور النابغة العسكري الوطني وزيرا للحربية ، ورقي إلى رتبة باشا ، فتجلت فيه صفات رجل متعلم عظيم يتبع الغاية التي وضعها نصب عينيه بهمة لا تعرف الملل.
ومن ذلك الحين جعل يوالي سعيه آناء الليل وأطراف النهار في تنظيم الجيش الذي ضعضعته الحرب البلقانية ، وفي نفس الوقت كان زميله جمال باشا ينظم الأسطول الذي ظهرت دربته في المعارك الأخيرة ، فبعد وقت يسير تعزز الجيش والأسطول ، وسارا خطوات عديدة نحو الكمال.
وفي أثناء ذلك تلبد الجو بالغيوم ، وبدأت الدلائل تدل على قرب هبوب عاصفة هائلة ، فأدرك أنور وزملاؤه الخطر ، مما دل على عظم تبصرهم ، وعرفت الوزارة ماوراء الأكمة ، فظهر أنور باشا من أقوى رجال السياسة ، فوضعنا أيدينا في أيدي الدول الوسطى نشاطرهم السراء والضراء ، بيد أن دول الاتفاق كانوا يمكرون رياء ويلتمسون حفر هوة يلقوننا فيها ، مغلظين لنا أيمان الحب والولاء ، مبتسمين ابتسام يهوذا ، ولكن باءت مساعيهم بالفشل ، ومددنا يد الإخلاص والولاء إلى حليفتينا ألمانيا والنمسا ، وانضمت إلينا بلغاريا بعد حين ،