ولقد اتفقت الصحف الأوربية حتى المعادية منها في الثناء على بسالته وشجاعته وميزته العسكرية ، ولا عجب فقد أوجد في وقت قصير جيشا منظما من الوطنيين يرهب الطليان بأسه ، وكان يساعده في أعماله فتحي بك ، أحد ضباطنا المتفانين البواسل.
فإذا كانت طرابلس الغرب قد تمكنت من الدفاع سنتين بطولهما ، فما ذلك إلا بفضل تهالك دولة أنور باشا وبسالته ، ولو كان المركز الجغرافي أكثر ملائمة لما استطاع الطليان على مدى الأيام الاستيلاء على طرابلس الغرب.
وبعد حين يسير عرض لنا طارئ جديد فخضنا غمار الحرب ثانية في حين أننا لم نكد ننفض عنا غبار الحرب الأولى ، فامتشقنا السيوف باسمي الثغور هازئين حتى بالاضطرابات الداخلية.
ومع كل الاضطهادات والدسائس التي قام بها أعوان كامل باشا ووزارته قام الوطنيون الحقيقيون ؛ كأنور وجمال بواجباتهم ، ولكنهم ماذا يستطيعون أن يفعلوا تجاه حكومة ضعيفة الرأي قصيرة النظر.
سارت البلاد مرة أخرى نحو الخراب ، وقام في وجهها أعداء أقوياء تعضدهم أوربا الاتفاقية ، ووجهوا عزائمهم لاقتحام جدران العاصمة ، فطفح الكيل وجعل الوطنيون الحقيقيون يذرفون الدموع ، وقضت الحال بتمزيق العصابة التي عولت على بيع البلاد.
وكان عقد كامل باشا مجلسا وطنيا ليس فيه من الوطن سوى اسمه ، وعزم على عقد صلح معيب ، فظهر في ذلك الحين أنور وإخوانه جمال وطلعت وجاويد وجاهد وخليل والمرحوم محمود شوكت والحاج عادل ، وأمثالهم ،