(١٣٢٤ ه / ١٩٠٨ م) وأنقذ الوطن المشرف على الهلاك بضربة واحدة ، وهذا الرجل هو أنور وصديقه المرحوم نيازي الذي ذهب شهيد حماسته.
نشأ أنور في حضن أسرة كريمة تسلسلت معها تقاليد العنصر التركي الكريم برمتها ، وكان منذ نعومة أظفاره يبث روح تلك التقاليد في إخوانه ؛ حتى تمكن من إيجاد حياة جديدة في الوطن الذي كان يمتهنه أعداء من الداخل والخارج ، وما كاد يصل إلى درجة ضابط حتى طلب أن يكون في جيش مكدونيا حيث يستطيع أن يصبح مطلق اليد في أعماله ، فتم له ما أراد ، وأصبح من أعظم العاملين في سبيل الدستور كما أصبح بعد ذلك من أعظم المدافعين عنه.
وقد كان أحد أولئك الأفراد البواسل الذين دمروا صروح الاستبداد ، وشادوا قصور الحرية والإخاء والعدل.
كان أنور باشا بطل الموقف كلما كانت البلاد في خطر.
عندما سادت حركة الرجعى الحميدية على العاصمة رأينا أنور متراكضا في رأس السلانيكيين لإنقاذ العاصمة والدستور.
وما كاد ينصرف إلى أعماله حتى اضطر إلى ترك كل شيء ، والإسراع إلى طرابلس الغرب التي كان الطليان الأدنياء قد مدوا أيديهم إليها ، فهرع إلى الدفاع عن الوطن مفاديا براحته في سبيل الواجب الوطني تحت سماء إفريقية المحرقة ، وكان مقامه بين القبائل عديم النظير ، ولما كان يزحف على الأعداء في طليعة جنوده المتطوعين من القبائل والوطنيين كانت الأرض تميد تحت أقدامه والرعب يأخذ من نفوس أعدائه.