وكنا نشعر إذا مرت بنا صلصلة السيوف وهتاف الشعوب وأصداء المجد بذكرى الحوادث العظيمة التي قام بها الأجداد ، فتكبر بها نفوسنا ، إلا فليكن من شجاعتك وأنت تحمل شرف السلطنة المقدسة وأقدارها ما تأتي به سكان مصر بالعجب العجاب ، خصوصا وأنت تقطع إليهم الصحاري.
استيقظت المدينة في هذا الصباح متسربلة أبهى الحلل وأصوات الأفراح متصاعدة من كل جوانبها ، والشوارع والأبنية والمخازن والبيوت غاصة بالناس على اختلاف مللهم ونحلهم.
ماذا جرى؟ لماذا يعيد البيروتيون في هذا النهار نهار الأحد؟ لقد تحقق اليوم أمل عظيم من آمال البيروتيين ، فسيصل إلى مدينتهم نحو الساعة الثالثة بعد الظهر دولة أنور باشا وكيل القائد العام لجيوش البر والبحر وناظر الحربية.
إن ذكر اسم أنور باشا يورث العدو اضطرابا والوطني حماسة والطفل ابتهاجا والجندي حماسة لا نظير لها ؛ لأن أنور هو بطل العثمانية ومنقذ الوطن من الخطر ، هو البطل الذي حطم قبل الجميع سلاسل الظلم والاستبداد ، وها هو ساهر على استقلال ميراث الأجداد ، فالوطن معلق عليه كل آماله.
عند ما نذكر اسم أنور يتجلى لعيوننا تاريخنا الحديث عن غير قصد ، فتمر أمامنا صورة الماضي المظلم الذي كان الشعب يئن فيه تحت النير الحميدي ، وقد كان الوطن في ذلك الحين أمام هاوية الهلاك.
تحاول كل من إنكلترا وفرنسا وروسيا أن تمد مخالبها إليه بعد مقابلة ريفال ، ففي ذلك الحين نهض رجل عظيم ، وأطلق الشرارة الأولى لثورة سنة