العسكر والرجالة فاستولى الأرمن عليها ، ولم يبق مع المسلمين من تلك القلاع غير قلعة حجر شغلان ، واستولى الأرمن على غيرها من الحصون والعمالات التي كانت جنوبي نهر جيحان ، فجردت مصر والشام عسكرا إلى سيس ونهبت وخربت. وعاد المغول فجرد صاحبهم غازان (٧٠٠) مرة ثانية عسكرا على الشام بدعوى أن عساكر صاحب مصر والشام أغارت على ماردين وبلادها فطرقت القطر على حين غفلة من أهلها وهتكوا المحارم فأتاه أهل ماردين وما إليها مستصرخين ملهوفين فحركته الحمية الإسلامية ـ وكان دان بالإسلام حديثا ـ فلاقى العسكر وفرق شملهم ، وسبب رحيله المرة الأولى عن الشام أن الرعية تضررت بمقامه لكثرة جيوشه ومشاركتهم الرعية في الشراب والطعام ، فرحل وترك عندهم من يحرسهم من تعدي بعضهم على بعض ويحفظ الشام من أعدائه المتقدمين وأكراده المتمردين.
ولما عبر المغول الفرات في المرة الثانية جفل الناس منهم ، ودخلوا حلب وعاثوا في أرجائها ، وسار نائب السلطنة بحلب إلى حماة ووصلت العساكر من دمشق واجتمعوا بظاهر حماة وأقام المغول بأرجاء سرمين والمعرة وتيزين والعمق وجبال أنطاكية وجبل السماق ينهبون ويقتلون ، وسار السلطان من مصر بالعساكر المصرية ووصل إلى نهر العوجا فلم يمكنه اطراد السير لكثرة الأمطار والأوحال فرجع إلى مصر. وأقام المغول يتنقلون في الديار الحلبية نحو ثلاثة أشهر ثم عادوا إلى مواطنهم. والمغول هم والتتر شيء واحد والتتر صنف من أمم المغول. فقول المؤرخين المغول أو التتر من الألفاظ المترادفة تقريبا.
وفي سنة (٧٠٢) فتحت جزيرة أرواد وهي ليعقوب الطرطوسي وكان اجتمع فيها جمع كثير من الفرنج وبنوا فيها سورا وتحصنوا وكانوا يطلعون منها ويقطعون الطريق على المسلمين المترددين في ذلك الساحل ، فأقلع أسطول من مصر فجرى بين الفرنج والمسلمين قتال شديد انتصر فيه المسلمون وملكوا الجزيرة وقتلوا وأسروا جميع أهلها وخربوا أسوارها ، وكان القتلى نحوا من ألفين والأسرى نحو خمسمائة. وفي هذه السنة نزلت الفرنج على نهر الدامور بين صيدا وبيروت ، ورفعت الشكايات إلى نائب دمشق الأفرم في الجرديين