إهلاك من يخافهم على السلطنة مثل تنكز نائب الشام عشر سنين ثم قتله ، وكان قتل خلقا فارتاحت الناس ، وما كانت أفكار السلطنة موجهة إلا إلى قتال الأرمن ، فكانوا يغزون كل مرة وآخر ما نالهم من غزوة المسلمين غزوة عسكر حلب (٧٣٥) ، وكان الأرمن ملكوا مدينة سيس وطردوا من كان بها من المسلمين فخربوا في أذنة وطرسوس وأحرقوا الزروع واستاقوا المواشي وغنموا وأسروا وما عدم سوى شخص واحد غرق في النهر ، وكان العسكر عشرة آلاف سوى من تبعهم ، فلما علم أهل اياس بذلك أحاطوا بمن عندهم من المسلمين التجار وغيرهم وحبسوهم في خان ثم أحرقوه وقلّ من نجا ، فعلوا ذلك بنحو ألفي رجل من التجار والبغاددة وغيرهم. وبعد مدة سار العسكر من مصر والشام بقيادة ملك الأمراء بحلب علاء الدين ألطنبغا إلى بلاد الأرمن (٧٣٧) ونزلوا على مينا أياس وحاصروها ثلاثة أيام ، ثم قدم رسول الأرمن من دمشق ومعه كتاب نائب الشام بالكف عنهم على أن يسلموا المدن والقلاع التي شرقي نهر جيحان ، فتسلموا ذلك منهم وهو ملك كبير ومدن كثيرة كالمصيصة وكوبرا والهارونية وسرفندكار واياس وباناس ونجيمة والنقير وغير ذلك ، فخرب المسلمون برج اياس الذي في البحر. قال ابن الوردي : وهذا فتح اشتمل على فتوح ، وترك ملك الأرمن جسدا بلا روح.
وفي سنة (٧٤٠) وقع حريق بقيسارية القواسين والكفتين وسوق الخيل من دمشق دام يومين بلياليها فعدم فيها نحو خمسة وثلاثين ألف قوس وعدم الناس أموالا عظيمة منها للتجارة ما مبلغه ألف ألف وستمائة ألف دينار وخربت أماكن كثيرة فوقعت التهمة على بعض كتاب النصارى وأقروا أن اثنين قدما من القسطنطينية ليجاهدا في الملة الإسلامية ومعابدها وقدما نفسيهما على ذلك وأنهما يعلمان صناعة النفط فقتل أحد عشر رجلا وأنكر صاحب مصر على نائب دمشق تنكز قتل النصارى قائلا إن ذلك إغراء لأهل القسطنطينية.
سياسة المماليك مع أكبر عمالهم ووفاة الناصر وتولي المنصور :
كانت حكومة المماليك تكثر من نصب الولاة وعزلهم ولا سيما في دمشق فتولي في كل وقت نائبا جديدا وربما في كل شهر ، ولم تطل مدة واحد من