لموت عمه سليمان بات الوزير وحج بالحجيج أربع عشرة حجة وعزل عن دمشق وإمرة الحاج بالوزير حسين باشا مكي وولوه حلب ثم عزل عنها ونفي إلى جزيرة كريت ونسبوا له ما وقع بالحجيج وقتل بمدينة أنقره. وقال في ترجمة أسعد باشا أيضا : إنه كان محمودا في ولايته وأهل الشام في زمانه في راحة وأمن وطمأنينة ، وكان صبورا صبر على الأشقياء حتى أخذهم الله على يده ، وآذاه عرب حرب فصبر على أذاهم حتى انتقم الله له منهم عن يد الوزير عبد الله باشا جته جي. وقال جودت في وقائع سنة (١١٩٧) : وفيها توفي والي الشام وأمير الحاج محمد باشا العظم بعد أن أقام في وظيفته اثنتي عشرة سنة ولما كان وزيرا مشهورا من أهل الثروة والغنى عين مباشرون مخصوصون من الاستانة لضبط أمتعته وأمواله. وقد أثنى المرادي على محمد باشا العظم هذا فقال : إن له من المآثر في كل ولاية وليها ولا سيما في دمشق ما يحسن ذكره وأنه رفع المظالم وأنشأ المعالم قال : وبالجملة فهو من أحسن من أدركناه من ولاة دمشق وأكملهم رأيا وتدبيرا.
والغالب أن الدولة كانت مرتاحة البال من ناحية بني العظم في الشام يقاتلون الخوارج عليها ولا تحدثهم أنفسهم بنزع أيديهم من يدها ويدفعون إليها الخراج في أوقاته ولذلك كانت ترعاهم على الجملة في حياتهم وتتركهم يستمتعون بنعمها ، فإذا هلكوا جاءت ووضعت يدها على عروضهم وأموالهم كما هي عادتها ، ولعلها استبطأت أسعد باشا في الولاية فخشيت شره فخنقته. وبالجملة فإن أحوال ذاك العصر يصعب الآن الحكم عليها لقلة من نظر في المؤرخين في الحوادث نظر الاستنتاج الصحيح.
فتن ومشاغب :
رجع إلى سلسلة الحوادث. فقد توفي سنة (١٠٤٨) الأمير محمد فروخ النابلسي وكان من شجعان الدنيا ، تولى حكومة القدس ونابلس فأرهب العربان وكبر صيته وبقي في إمارة الحج ثماني عشرة سنة ، وألقيت رهبته في قلوب العربان وكانوا إذا أرادوا أن يخوفوا أحدا منهم يقولون ها ابن فروخ أقبل