أدب الأنبياء ـ قال مالي لا أرى الهدهد ، وأوّل دليل على أنّه هدهد متميز أنه معرّف هنا بالألف واللام ، فهو لم يقل مالي لا أرى هدهداً من الهداهد غائباً؟ لا فهذا هدهد معين ( مَالِي لاَ أَرَى الهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الغَائِبينَ ) (١).
من أدبه عليهالسلام أن يتهم نفسه أوّلا بأنّه لم يره وإلاّ فهو غائب ، فلمّا تحقق أنّه غائب ، غضب فهدّد ، فلمّا جاء الهدهد هدّده بالتعذيب أو الذبح : ( لاَُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَديداً أوْ لاََذْبَحَنَّهُ أو لَيَأتِيَنّي بِسُلْطَان مُبين * فَمَكثَ غَيرَ بَعيد ) (٢).
سياق الآية هنا يدلّ على ماذا؟
أنّ الهدهد جاء يقول لسليمان عليهالسلام قولا يدل على أنّه أحاط بقول سليمان قبل أن يأتي ، لأنّه لمّا جاء : ( قَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ ) ، يعني جاء يقدم دفاعه بدلالة أنه أحاط بالتهمة قبل أن يُحاط بها في المجلس ، أيّ شيء هذا؟!
( قَالَ أحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَاً بِنَباً يَقين * إنِّي وَجَدتُ امرَأةً تَملِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيء وَلَها عَرْشٌ عَظيمٌ ) (٣).
فالهدهد يعلمه الله بما دار في مجلس سليمان عليهالسلام ، ويعلّمه الله
__________________
١ ـ النمل : ٢٠.
٢ ـ النمل : ٢١ ـ ٢٢.
٣ ـ النمل : ٢٢ ـ ٢٣.