ومن بعده نور ، وأنّ النور الذي من بعده أتمّ وأعمّ من النور الذيقبله وهذا منطق القرآن : ( أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِن رَبِّهِ وَيَتْلوهُ شَاهِدٌ مِنهُ وَمِن قَبلِهِ كِتَابُ مُوسَى إمَامَاً وَرَحمَةً ) (١) ، فالذي على بيّنة من ربّه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ( يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ ) أيّ شاهد من تلك النورانيّة لكي يكتب للنور الإستمرار؟ شاهد نفسه كنفس محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّه لا يوحى إليه ، لأنّ الوحي لما انقطع لم ينقطع على سبيل الحرمان منه ، الوحي الذي أُنزل كاف إلى يوم القيامة ، كيف يكون كافياً؟ هو كاف بالنصّ في كتاب الله على أنّه تبياناً لكلّ شيء ، وبالنصّ في كتاب الله بقوله : ( مَا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيء ) (٢).
لكن كيف يكون كافياً وفيه المحكم وفيه المتشابه؟ فيه المحكم الذي لا يختلف على تفسيره وتأويله ، وفيه المتشابه الذي يحتمل عدة معاني في فهم الخلق له ، لكنّه في مراد الله له معنى واحد.
إعلم أنّ مراد الله من القرآن مراد واحد ، فقد أنزل باللغة العربية على أمة أمية والأمة الأمية ذات اللغة العربية ، ومن مشاكل هذه الأمة العربية في شأنها العربي أنها لم تكن تعرف صناعة ولا زراعة ولا حرفة ولا شيئاً يشغلها عن القيل والقال والإشتقاق في
__________________
١ ـ هود : ١٧.
٢ ـ الأنعام : ٣٨.