ه ـ تصحيح ما يرونه من أخطاء شائعة :
من جملة ما اختص به الرحالة المغاربة والأندلسيون تصحيح ما يرونه من أخطاء شائعة في عصرهم ، وعدم سكوتهم عليها. فهم يوردون ما يشاهدونه ويستنكرونه ، ثم يتبع ذلك تصحيحهم لها ، مع إبراز رأيهم وبيان ما يقال في ذلك وحقيقته. فمما أورده العبدري أثناء وصفه لبدر قائلا : " أن هناك غارا يذكر الناس تخرصا أنه الغار الذى دخله الرسول صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر رضى الله عنه حينما هاجرا من مكة" وأوضح عدم صحة ذلك وأن الغار المذكور موجود في جبل ثور قريب من مكة (١).
و ـ التطرق للبدع والشائعات المنتشرة :
لم يترك الرحالة المغاربة والأندلسيون جانبا من جوانب الوصف إلا وطرقوه وتناولوه بالتعليق والتصحيح. ومن ذلك موقفهم من الشائعات والبدع التي انتشرت بين الناس دون التأكد من صحتها ؛ إذ أشار التجيبي أن الشيبيين (٢) أحدثوا داخل الكعبة الشريفة كوة (٣) في الجدار الغربي مقابل الباب يبلغ ارتفاعها نحو ست أذرع وأطلقوا عليها العروة الوثقى ، وأوهموا العامة أن يلمسوها ونبه على بطلانها (٤).
ز ـ تسجيل الأحداث التاريخية المعاصرة :
سجلت أقلام الرحالة المغاربة والأندلسيين العديد من الأحداث التاريخية التي عاصروها أثناء وجودهم في الحجاز وكانوا شاهدي عيان لها ، فحرصوا على تدوينها. وبهذا حملت تلك المعلومات الدقة والصدق. فمن ذلك ما حدث أثناء إقامة ابن جبير في مكة المكرمة ومجيء سيف الإسلام طغتكين ابن أيوب (٥)
__________________
(١) المصدر السابق ، ص ١٦٤.
(٢) (الشيبيين) من ذرية عثمان بن طلحة حيث سلمه رسول الله صلىاللهعليهوسلم مفتاح الكعبة يوم فتح مكة وقال له اليوم يوم بر ووفاء. أنظر ابن هشام : السيرة النبوية ، ج ٤ ، ص ٤١٢.
(٣) (الكوة) بالفتح والضم النقبة في الحائط. انظر الفيومي : المصباح المنير ، ج ٢ ، ص. ٦٦.
(٤) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٦٤ ـ ٢٦٥ ، انظر مناقشة هذا الأمر فيما بعد ، ص ٢١٥ ـ ٢١٦.
(٥) سيف الإسلام أبو الفوارس طغتكين بن أيوب بن شادي بن مروان المنعوت بالملك العزيز ظهير الدين