المعجمة حاء مهملة ، فيقول في خوخ حوح وفي خلخال حلحال وهي مستحسنة من الغلمان والجواري ، وكذلك إبدال السين ثاء وعليه قول الشاعر :
وأهيف كالهلال شكوت وجدي |
|
إليه بحسنه وأطلت بثي |
وقلت له : فدتك النفس مني |
|
تحز في الثواب فقال بثّ |
قلت هذه اللفظة ذكرها صاحب القاموس بالضم فقال «وبس بمعنى حسب» أو هو مسترذل وأهل مالطة يبدلون سينها زايا ويكسرون أوّلها ، وأهل تونس وطرابلس لا يعرفونها ويستعملون بدلها لفظة «بركة» وهي قبيحة جدّا.
وقلت أنا في مليحة مالطية :
بدت في الثياب السود والوجه زاهر |
|
وماست بقدّ يخجل الغصن الغضّا |
لها منطق عذب على قبح لحنه |
|
وفي حسن من تهواه عن لحنه إغضا |
إلا أنّ هولاء الباعة ليسوا من هذا الطراز ولا جرم أنّ النطق يوثّر في ذي الذوق السليم أكثر من الحسن ، وأنّه من خصوصيات الإنسان ، والحسن يوجد في جميع المخلوقات.
ولقائل أن يقول إن النظر إلى ذي جمال رائع بغتة يدهش له ويتاثر به أكثر من استماع متكلم بليغ من أول وهلة ، قلنا هذا على اعتقاد الناطقية فيه ، فلو فرضنا أن الناظر يرى جميلا معتقدا أنه أخرس وقبيحا منطقيا لتأثر بالثاني دون الأول.
وأشذّ ما يكره في هذه الجزيرة هو أن الأوباش والأوغاد يتردّدون حيث تتردّد الخاصّة وذوو الفضل ، فقلّما رأيت مكانا خاليا منهم ، إذا لقوا أحدا من الوجوه سلقوه بألسنتهم ولمزوه ، فعلى الكريم أن يجتنب محضرهم ويتباعد عن مثابتهم. وأسوأ من ذلك أن القضاة يعتبرون هولاء الأنجاس عند التحاقّ والتخاصم اعتبار الخيرين من الناس ، وهذا الذي جرّأهم على التمادي في القبائح ، وهولاء الأراذل إذا شربوا قدحا واحدا من الخمر طافوا الأسواق وهم زائطون ضاجّون يظهرون بذلك طاقتهم على