الطير ، وهذه
الطرفة النفيسة لا وجود لها في لندرة ولا في باريس. أما الطير فإنه قليل جدّا ولا
عيب على من يشتري نصف دجاجة بل ربعها أو جناحيها أو رأسها بل مصارينها ، كلّ ذلك
من اقتصادهم ، فإنهم أعظم الخلق خبرة به ، ولا عيب أيضا على من يذهب بنفسه ويشتري
مؤنة يومه وإن يكن قاضيا بل النساء السيدات يفعلن ذلك أيضا ، ومتى اشترت شيئا
تحمّله أحد الأولاد الذين مهنتهم الحمل ، وهم كثيرون ، وكذلك لا عيب على من يشتري
من البقول والحليب ما قيمته فلس واحد فقط. وليس في المدينة حمير فارهة للركوب
كحمير مصر ، وإنما يذهب الناس في عواجل وهي ليست كعواجل الإفرنج وليس لسائقها مقعد فيها ، وإنّما
يمشي بجانبها على رجليه الحافيتين ، ومتى رأى أصحابها أحدا مقبلا ازدحموا عليه ولا
ازدحام حمّارة مصر.
أشهر الصنائع في مالطة
وليس في مالطة
كلّها مصانع للساعات أو الزجاج أو الأدوات الحربية والأقمشة وغيرها ، فأشهر
الصنائع عندهم النجارة والخياطة والسكافة والحدادة والنساجة والصياغة ، وأخص أعمال
النجارين الكراسي والمتكآت والموائد والخزائن والصناديق والأصونة ونحو ذلك ، وقد
يحسنون أيضا انشاء المراكب وعمل الحدادة مقصور على سرر النوم ، وما يلزم للبناء
وعمل الصياغة من الذهب إنّما هو الشنوف والخواتم والسلاسل والأسورة وأشكال طيور وزهور ، والأبازيم
والإبر ونحوها. ومن الفضة الملاعق والمغارف وأباريق القهوة والشاي والأقداح
والأطباق والمسارج وأوعية السكر ونحوه. فأما النساجة فلا تتعدّى شقق الفوط وأغطية
الفرش وقلوع المراكب ، ومن هذا الأخير يبعث إلى بلاد المسلمين مقدار جزيل.
وليس من أهل هذه
الصنائع من يصل إلى درجة الإنكليز والفرنسيس في الجودة
__________________