ـ أمّا الشعر فقد لمسته الخادمة ، وأما الإسقاط والولادة فكما قالت.
ويقال إنّه حين تكثر السؤال على المسؤولة تضعف قوتها ويخدر إدراكها ، ثم إنّه لما كانت هذه الحرفة مضادّة للديانة وللطب كان القسيسون والأطباء أشدّ الناس مقاومة لها. ولقد عجبت كيف أن الدولة تسوّغ معاطاتها إن لم تكن حقا ، فإنا إذا اعتقدنا بصدق ما تقوله هؤلاء النساء لم يكن بينهن وبين الأنبياء من فرق ، اللهم إلا أن نقول إنّ إنباءهن غير وارد في الإلهيات ، وإن يكن تدجيلا وتمويها فلم لم تمنعهنّ الدولة من غبن الناس واختلاس أموالهم ، وتحكم بخروجهن من الجماعة أخذا بنص التوراة؟
على أن بعض المتفلسفين في باريس يدّعون أيضا بأن في الإنسان خاصيّة أو جاذبية تسري منه حتى إلى الجماد ، فيفعل بها فضلا عن تأثيره في إنسان نظيره ، وعلى ذلك شاعت الأخبار بأن الموائد تميد بلمس عدة رجال لها ، وأن الكراسي تمشي ، والسكاكي ترقص إلى غير ذلك. والذي يخطر لي على قدر ما أدركه أنه كان ينبغي إمتحان هؤلاء النساء وبعد ذلك إمّا أن يحظرن أو يقررن على صنعتهن. وقيل إنّهن امتحنّ فوجدن صادقات في أمور كثيرة ، حتى لم يمكن حظرهنّ ، وإنه إنما رخّص لهن في الإنباء رجاء أن تظهر وسيلة أخرى لإتقان هذه الحرفة ، حيث لم يستبعد ذلك على تمادي الزمن. أمّا ما قيل عن بوسكو فلم أر من شعوذاته ما يصدّق كلام الناس فيه ، فإن كل ما صنعه أمام الناس لم يصنعه إلا بأدوات. وقد شاع عن روبرت أودن أنه كان عنده زجاجة وكان يسأل الناس أي شراب يبغون منها؟ فكان كل يقترح عليه شيئا ، فيسقيهم كلهم منها. ثم رأيت هذه القناني تباع بثمن غال ، ولا أدري شأنها والله أعلم.
أخلاق الفرنساوية
أمّا أخلاق الفرنساوية فالكلام عليها يستغرق زمنا طويلا ، لأن الطبيعة البشرية فيهم لحمتها من نوع وسداها من نوع ، أمّا أولا فلأن سحنهم وبنية أجسامهم متفاوتة جدا ، فأهل جنوب فرنسا سمر كأهل البلاد الحارّة ، وأهل شماليها بيض شقر ، والثاني أن ما يظهر منهم للغريب أولا إنما هو الأنس وحسن المعاشرة ، فإذا رأى ذلك