يطوفون في الليل ويعرضون أنفسهم لخطر العجلات وسائر المراكب كما ترى في لندرة ، وهنّ اللائي يتولّين الدخل والخرج فلا يمكن لأحد أن يشتري شيئا من المأكول والمشروب ما عدا الخمر إلا من أيديهن ، وإن تكن بعولتهن حاضرة.
العرافات والنطق بالمغيّبات
ولهن مزيّة مشهورة بين الناس في النطق بالمغيبات كما يزعمون ، وإذا استنطقت واحدة منهنّ لزمك أن تعطيها عشرة فرنكات ، ولم أسمع عن نساء لندرة هذه الدعوى الشائعة عن نساء باريس.
وقد اتفق لي مرة أن سرقت لي كراريس من كتاب ألّفته وعزمت على عدم إفشائه فقلقت لذلك كل القلق ، ثم ردّ عليّ بعضها من لندرة فأخذني الذهول. فلما أطلعت بعض أصحابي على ذلك قال لي : عليك «بالسمنمبول». فذهبت معه إلى واحدة من أعرفهن ، وكان هو أيضا يريد أن يسألها عن حاجة مهمة له ، وتبعنا آخر لم يكن له مأرب سوى الامتحان فقط. فلما سألناها حضرت امرأة أخرى وجلست بين يديها ، أمسكت يدها اليمنى ثم جعلت فيها كرة صغيرة من بلور ، وجعلت تحدق النظر في المرأة ، وبعد عدة دقائق غمضت المسؤولة عينيها ثم تنفست الصّعداء وأشارت إلينا بالجلوس وعيناها مطبقتان ، فناولتها حينئذ قطعة من الورق وأخبرتها بما جرى من السرقة ، فشمّتها وقالت :
ـ هذه القطعة أرسلت إليك من بلاد بعيدة مع أوراق أخرى ، يخالف لون بعضها بعضا ، وأصل شرائها كان من تلك البلاد.
قلت :
ـ نعم ولكن أريد أن أعرف من سرقها.
قالت :
ـ أين كان مسكنك حين سرقت؟
قلت :
ـ في روبلانش.