أظرف المحال للقهوة. وفي طرف البلفار عمود شاهق من المرمر في قنته تمثال ملك من نحاس ، واقف على كرة وهو يلمع في مقابلة الشمس له كأنه ذهب ، ويقال للملك ملك الحرية ، وعلى العمود أسماء الذين قتلوا من كبار الأمة في سجن باستيل مكتوبة بالذهب ، وتحته حوض يستقى منه. وكان إنشاء البلفار في سنة ١٥٣٦.
بالي روايال (القصر الملوكي)
«الثاني» الموضع الذي يقال له «بالي روايال» أي القصر الملوكي ، وإنما سمّي كذلك لمجاورته قصرا كان مقر الملوك. وهو عبارة عن صفي دكاكين متقابلين فوقها منازل ومطاعم وحمّامات ومحال للقهوة ، وبينهما أشجار وحوض ومقاعد ومماش للناس ، ففي الدكاكين ترى أحسن الملبوس وأنفس الحلي والتحف من المعادن والجواهر. وهي وإن كانت دون دكاكين البلفار في الكبر ، إلا أن حسن تنضيد ما فيها ، وبراعة ترصيفه ، وبهجة ذلك المكان ، يكسبها سعة في النظر ، ومن رأى كثرة الجواهر والماس في هذا الموضع وفي غيره أيضا حكم بأن أهل باريس أغنى من أهل لندرة ، إلا أن الجوهريين من الإنكليز لا يبرزون ما عندهم من الجواهر في صفحة الدكاكين وإنما يخبئونها في خزانة ، فلهذا لا يكاد الناظر يرى عندهم من خارج الدكان غير الذهب والفضة. وفي تلك المطاعم جميع ما تشتهيه النفس ، فإذا قعدت للغداء رأيت الرجال والنساء والأولاد يمرحون في تلك الروضة. وصفة الحمّامات صفة المطاعم ، وفي الروضة أيضا موضع قهوة عنده كراسي عديدة بعضها عند الحوض وبعضها تحت الشجر. وثم تضرب العسكر بآلات الطرب ثلاث مرات في الأسبوع ، وطول هذه الحديقة سبعمائة قدم وعرضها ثلاثمائة. وكان إنشاء هذا المحل البديع في سنة ٧٢٩.
الشانزلزي
«الثالث» الموضع المسمى «شانزلزي» أي روضة الأصفياء ، وهو غيضة طويلة ذات شطرين ، طولها إلى حدّ الأزج أكثر من ثمانمائة ذراع ، وعرضها على الأقلّ مائة