ونهارا ، ويجعلها في قرن رقيق شفاف صونا لها من الريح. ولم يعلم عمل الساعات الدقاقة إلا بعد موته بقرون عديدة. أمّا تقسيم اليوم إلى أربع وعشرين ساعة فمعروف من قديم الزمان. قلت وفي محفوظي أنه ذكر في المصباح المنير للفيومي ، أن أهل الحساب اصطلحوا على أربعة وعشرين قيراطا لأنه أول عدد له ثمن وربع ونصف وثلث صحيحات من غير كسر ، فلعلّ هذا هو السبب في تقسيم اليوم والليلة إلى هذا العدد. وذكر هيرودوطوس أن ميقاتية الشمس كانت معروفة عند اليونانيين ، وهم أخذوها عن البابليين. فأما الميقاتية المائية التي تدل على الأوقات على نسق الرملية ، فكانت معروفة عند الكلدانيين ، وعند قدماء الهنود ، فكانوا يحدرون الماء فيها من إناء إلى آخر ، كما يحدر الرمل في الزجاجة ، وبذلك يستدلون على أوقات التنجيم ، إلا أن عدم تساوي انحدار الماء ، وتخالف الهواء ، كان يجعل حسابهم غير مطّرد. أمّا شكلها فغير معروف بالتفصيل ، وغاية ما يعلم من أمرها أن الماء كان ينحدر في وعاء فيها قطرة قطرة ، فإذا امتلأ الإناء علم مقدار الوقت المفروض. وأول من أتقن الساعة المائية حتى صارت من الأدوات العلمية الدون كرلوس فالي أحد الرهبان الباندكتيين ، وذلك سنة ١٦٩٠ ، وزعم بعض أنها من مخترعات مرتينلي الطلياني. قيل وأول مؤلف ذكر اسم آلة تدل على الساعات دانتي الشهير ، ولد في سنة ١٢٥٦ ، ومات في سنة ١٣٢١ ، وشهر ذلك في إنكلترة في سنة ١٢٢٨ ، وكان أيضا مشهورا عند غيرهم. وفي زمن إدورد الأول وضعت غرامة على أصحاب الجنايات لأجل عمل ساعة دقاقة في غرفة وستمينستر ، لكي يسمعها الذين في المحكمة ، وفي زمن هنري الخامس كان لها شأن عظيم ، حتى أن الملك وكّل محافظتها وتعهدها إلى وليم واربي ديّن كنيسة صانت أسطفان ، وعيّن له في مقابلة ذلك نصف شلين في كل يوم من ديوان الخزنة. وفي سنة ١٣٣٤ أبرز يعقوب دوندي ساعته المشهورة ، فكانت تدل على الساعات ، وعلى سير الشمس في منطقة البروج ، وعلى مواقع الكواكب السيارة ، ولقب بهورولوجيوس.
وفي أواسط القرن الرابع عشر وضع في كنيسة استراسبورغ ساعة من أكثر الآلات تركيبا وتألّفا ، فإن صفحتها كانت تبدي الكرة السماوية ، وسير الشمس والقمر والأرض والكواكب ، ومحاق القمر ونموه ، وتقويما يدل على اليوم الواقع من