فصدق المثل حيث قال :» إن من الحسن لشقوة» ، ثم تجنّت عليها أمورا كثيرة ، من جملتها أنها قتلت زوجها ، فأودعتها السجن ، ثم خفرت (٢٥٣) ذمتها معها ، ونقضت عهدها ، وعقدت عليها مجلسا حكموا بقتلها فقتلت. ومع أن الإنكليز ينوّهون باسم الملكة اليصابت لإجارتها مذهب البروتستانط ، فلا ينفون عنها هذا الغدر الشنيع الذي رضيته لنفسها بعد التأمين ، فهو طبع يصدأ به ذكرها على ممر الدهور.
ومن قرأ قصة الملكة ماري وهي مسجونة ، وما لقيت من الضر والنكد ، فلا يملك عبراته عليها ، ولعمري إنه لم يشقني شيء إلى رؤية سكوتلاند غير صورتها وقصرها وذكر أيامها.
قال «بوليه» إن ماري ملكة سكوتلاند هي بنت يعقوب الخامس ملك سكوتلاند. ولدت في سنة ١٥٤٢ ومات أبوها بعد ولادتها بثمانية أيام. وفي سنة ١٥٥٧ تزوجت دوفان فرنسا ، ثم صار ملكا باسم فرنسيس الثاني ومات عنها بعد سنة ونصف فرجعت إلى سكوتلاند ، إلا أن تمسكها بديانة الملّة الكاثوليكية جعلها بغيضة لدى الأهلين. وفي سنة ١٥٦٥ تزوجت ابن عمها هنري لمجرد جماله فقط ، وكان يغار عليها من داود ريزيو الطلياني كاتب سرها فقتله بمرأى منها. وفي سنة ١٥٦٧ هلك هو فاتهمت بقتله. وبعد ثلاثة أشهر تزوجت كونت بوثول ، ولم تتدبر في العواقب حيث كان قد اتهم بأنه أجهز على زوجها ، فشغب عليها فعلها هذا أهل المملكة وألزموها أن تعدّي عن مذهبها ، ففرت والتجأت إلى ابنة عمها الملكة اليصابت ، وذلك في سنة ١٥٦٨ ، وحيث كانت اليصابت تحسدها على جمالها ألقتها في السجن ثماني عشرة سنة ، ثم تجنّت عليها أنها غاوت جماعة من الكاثوليكيين على إهلاكها فقضت عليها بالقتل ، فماتت وهي متجلدة. وكانت توصف في عصرها بلكياسة والظرافة والفصاحة وبأنها أجمل النساء. وعند وداعها فرانسا قالت كلاما بليغا.
قلت وجدت في بعض التواريخ أنها نظمت في هذا المعنى أبياتا بالفرنساوية وترجمتها كما يأتي :
__________________
(٢٥٣) خفرت ذمتها : غدرت بها ، وتأتي بمعنى : حمتها وأجارتها ، وهي من الأضداد (م)