هذا. وهم مثل الإنكليز في كونهم يشفنون (٢٥٢) الغريب ، فإني حين كنت أمر في الطريق كان يجري ورائي جمع غفير من الرجال والنساء والأولاد ينظرون إلى طربوشي ويتعجبون ، حتى اضطررت مرة إلى أن أتوارى منهم في دكان.
قصر الملكة ماري استوارت وقصتها
وقد رأيت في هذه المدينة القصر الذي كانت تسكنه الملكة ماري استوارت المشهورة بالجمال والنجابة. وهو في خفض من الأرض. وفيه شاهدت صورتها وسريرها الذي كانت تنام عليه ، وصورة الطلياني الذي اتهمت بحبه ، وهو يقاربها في الجمال ، وصورته باقية في الموضع الذي قتل فيه غيلة. وسببه فيما قيل : إنه لمّا كان يعزف لها بالكنارة ذات ليلة ، إذ هجم عليه زوجها من باب خفي فقتله عند الباب الخارج ، ولم يزل أثر الدم على الخشب القريب من العتبة. ثم رأيت صورتها أيضا في القلعة التي حبست فيها بعد أن اتهمها حسادها بالفحش ، وهي أجمل من صورتها في القصر. ولمّا كانت محبوسة هناك أخذها الطلق فولدت جامس الأول ، وهو الذي صيّر مملكتي سكوتلاند وإنكلترة مملكة واحدة.
وشاهدت أيضا في القلعة تاج الملك والسيف والصولجان والنيشان ، وخاتما من ذهب فصّه ياقوتة أكبر من الفولة. والشبّاك الذي تدلت منه فنجت ، وهو عال جدا.
وفيها أيضا كنيسة صغيرة يقال إنها أول كنيسة أقيمت فيها فرائض النصرانية في تلك البلاد ، وكانوا حينئذ يرمّونها. وهذه القلعة مبنية على صخر ارتفاعه ثلاثمائة قدم.
فأما ما كان من أمر الملكة ماري ففي محفوظي أنها بعد أن يئست من الملك بعد وقائع طويلة جرت بينها وبين أعدائها ، فرّت من دار المملكة ، وكتبت إلى ابنة عمها وقيل أختها اليصابت ملكة الإنكليز تستجير بها ، فكتبت إليها أن أقدمي عليّ ولك الأمان ، فلما قدمت عليها أضمرت لها شرا حسدا لها على جمالها ومحاسنها ،
__________________
(٢٥٢) يشفنون الغريب : ينظرون إليه متعجبين ، أو ساخرين (م)