جيوشه على صافوي ، وبيدمنت ، وكادوا أن يستولوا أيضا على طورين ، لم يكن بد للأمير يوجين من أن يتوجه إلى أطراف جرمانيا لإنجاد «دوك صافوي» ، ولكن لما لم يكن له مال يمكنه من أن يفتح بلدا أو يضبطه ، اضطر إلى الاستعانة بتجار الإنكليز فأجابوه إلى ذلك فورا ، وأقرضوه في نصف ساعة خمسة ملايين فرنك ، فاستخلص بها طورين وقهر الفرنسيس وردهم عنها مقهورين ، ثم كتب إلى الذين دانوه : «أيها السادة ، إنّي قد تسلمت منكم مالا وقد أنفقته فيما يرضيكم». فكان كلامه هذا حاملا للإنكليز على الكبر والافتخار ، وله علي أن ينزل نفسه بمنزلة روماني وهو به خليق. على أن أصغر أولاد صاحب المملكة عند الإنكليز لا يأنف من أن يكون تاجرا ، فإن أخا اللورد طونسند آثر أن يكون تاجرا في الستي على أن يقلّد وظيفة في الديوان. ولما كان اللورد أرفورد متوليا تدبير المملكة كان أخوه منشئ معمل ف حلب ، ولم يشأ أن يرجع إلى وطنه بل مات هناك. وهذا الدأب الذي أخذ الآن في الندور كان يعد عند أمراء جرمانيا من المنكرات ، فلم يقدروا أن يفهموا كيف يكون ابن سيد المملكة داخلا في سلك التجار مع أنهم هم كلهم سادة. ولكن كم قد رأينا منهم من سيد يوصف بلقب السمو وليس له ملك ولا ثروة غير هذا الجلاء والكبر الأميري.
الفرنسيون وحيازة الألقاب
أمّا في فرنسا فإن كل واحد يمكنه أن يصير مركيزا ، وكل من يقدم إليها من البلاد الأجنبية وآخر اسمه ينتهي بحرفي «اك» أو «ايل» وعنده مال ينفق منه فإن له أن يقول ليس لي من نظير وما أحد من بابتي ، وينظر إلى التاجر بعين التهاون والاحتقار ، فإذا سمع التاجر أن الناس يعيبون حرفته ويشينونها اعتراه الخجل ، ولكن ليت شعري أي الرجلين أنفع لدولته أسيّد يعرف بالتفصيل متى يقوم ملكه ، ومتى ينصرف إلى مرقده ، ثم يتخذ لنفسه مظهر عظمة وأبهة وهو مع ذلك يرضى لنفسه خطة ذل وعبودية بانتظار الوزير في قصره؟ أم تاجر يقعد في مخدعه ويبث منه أوامر إلى سورات وحلب ليغني بلاده ويسعد أهلها؟