من دماغها وقالت : أخطأت. فقالت : بل خمس دقائق بعد الظهر ، ثم أمرتها بالغناء فغنت ، ثم بالضحك فضحكت ، ثم سألتها عن خادمة لها كانت قد ذهبت صباح ذلك اليوم إلى أمها ماذا تصنع؟ فقالت : إنها الآن تكلم أمها في شأنك ، وتطلب منها أن تكلمك لتعفيها من المزمرة ، وإنّها تتمنى أن تراك مرة تمزمرين أحدا. فلما رجعت الخادمة في الغد سألناها عن ذلك ، فأجابت بما ذكر. ثم إنها نفخت عليها وأمرّت عليها يديها صعدا فأفاقت ، وهذه الخاصية قد شهرت في فرنسا جدا ، وأشد الناس إنكارا لها أهل الكنيسة والأطباء ، وسأذكر في وصف باريس ما جرى بيني وبين إحدى هؤلاء النساء ، وفي هذا القدر الآن كفاية.
رحلة إلى بعض جبال والس
ثم سافرت من برستول قصد أن أرى بعض جبال والس فينشرح صدري. لأن بلاد الإنكليز كلها كما ذكرت سابقا ، عبارة عن حقول ومروج ، وهي وإن تكن ناضرة إلا أنه لا شيء يبعث على إدارة الفكر ، وإجالة الخاطر ، كرؤية الأماكن المختلفة نحو أن يكون فيها سهل ، وجبال وآكام وأودية وغياض ، فكلما تعددت المناظر للعين كثرت الخواطر في الذهن ، وتنوعت الهواجس في الصدر. فسافرت في الباخرة فبلغت فرضة تسمى نيويورك ، أي المرسى الجديد ، في نحو ساعتين ونصف. فبت هناك تلك الليلة ، وفي الغد سألت عن أقرب الجبال ، فقيل لي : إذا طلعت هذه العقبة ظهر لك. فطلعتها ودللت على جبل يسمى لندوغو وهي كلمة والسيّة لأنه لا يوجد في لغة الإنكليز اسم ينتهي بحرف الواو ، فسرت إليه ماشيا إذ لم أجد راحلة تبلغني إليه ، فكنت أسأل المارين عن مقدار بعده فكان بعضهم يقول: سبعة أميال وبعضهم خمسة وبعضهم ستة. فسألت عن بلدة أستريح فيها فدللت على قرية بعضهم يسميها مدينة وبعضهم قرية وبعضهم بلدا ، وهي عبارة عن ستين بيتا ، فسألت عن مطعم فدللت على بيت مشهور عندهم ، فأردت أن آكل بيضا لعدم وجود اللحم والسمك عندهم ، فقلت لصاحبة المحل :
ـ إني أريد بيضا.