سببا عن اضطهاده الرجل الطاهر ، لا عن إدمانه على الشراب. فصار هذا الموت الفجائي سببا في اجتذاب كثير من الناس إلى مذهب الرجل أكثر من ألف موعظة وألف ليلة. فلما رأى كرومول عددهم يتزايد في كل يوم رغب في أن يستميلهم إليه ، فعرض عليهم المال فأبوه ، فقال يوما : لعمري إن هذا الدين هو الدين الوحيد الذي لم نستطع أن نغلبه بالمال. ثم صاروا أيضا عرضة للاضطهاد في عهد كرلوس الثاني ليس لأجل الدين ، ولكن لامتناعهم من أداء العشر للأكليروس ، ولخطابهم القضاة والحكام بأنت ، ولامتناعهم من اليمين التي يوجبها الشرع.
وفي سنة ١٦٧٥ قام رجل من أهل سكوتلاند اسمه روبرت باركلي وقدم للملك معذرة عن الكويكرس ، وهي من أحسن ما كتب في هذا الباب ، إذ لم يرتكب فيها شيئا من التمجيد والإطراء على الملك ، وإنما أودعها الكلام الحق ، والنصح السديد ، وكتب في آخرها : «إنّك قد ذقت الحلو والمر ، والنعيم والبؤس ، فإنك طردت من البلاد التي ملكت فيها وشعرت بثقل الظلم ، فكان ينبغي لك أن تعلم أن الظلم مقت عند الله والناس. فإن كان قلبك لا يلين بعد تلك المحن والخيرات ، ونسي الله الذي لم ينسك في بؤسك ، فإن إثمك يكون أعظم ، وهلاكك أشد ، فإياك من الإصغاء إلى ما يطريك به أهل ديوانك ، بل اصغ إلى صوت الضمير الذي ليس من شانه الإطراء ولا التمليق. من صاحبك الأمين وأحد رعيتك روبرت باركلي». وأعجب من ذلك أن هذه الرسالة مع كونها صدرت من رجل خامل الذكر ، فقد نجعت في قلب الملك حتى كف الاضطهاد عنهم. وفي هذه الأثناء ظهر وليم بن النبيه وبث مذهب الكويكرس في أميريكا إلى أن قال : «وليس لأهل هذا المذهب في انكلترة أن يكونوا من أهل مجلس المشورة ، ولا أن يتولوا المناصب العمومية لامتناعهم من اليمين مما لا بد منه في الأمرين ، فجل كسبهم المال إنما هو من التجارة. وحيث كان جاه الأولاد إنما هو من كد والديهم ، كان لهم مطمح إلى كسب الشرف والأزرار والقفازين ، ويستحيون من أن يقال لهم كويكرس ، فيذهبون مذهب البروتستانط ليكونوا في عداد أهل السمت والطراز إلخ.