من يذكر له ذلك. وحيث كان هؤلاء الطلبة من ذوي الإيسار والإسراف كانت هاتان المدينتان أغلى من سائر بلاد الإنكليز.
تفاؤلهم وتشاؤمهم
أمّا ما عندهم من الطّيرة (١٨٨) والتفاؤل ، فقد ذكر صاحب الجرنال المسمّى أخبار العالم عدد ٦٨ أن الإنكليز يتطيّرون من لقاء المرأة الحولاء ما لم تبادر بالكلام ، فحينئذ تزول الطّيرة ، ومن السفر يوم الجمعة ، وأن يكون المدعو في عيد الميلاد رابع عشر شخصا ، وأن يعارض سكّينان وقت الغداء ، وأن يمشي أحد تحت السلالم ، وأن تبقى أغصان الميلاد في البيت بعد عيد كندلماس ، وإلا فإن إبليس نفسه يأتي ويأخذها.
قلت أغصان الميلاد هي أغصان يقتطعونها ويزيّنون بها الغرف والبيوت ليلة عيد الميلاد ، ويقال لها : ميزلتو ؛ وهي عادة قديمة من عادات أعياد «الدرويدس» وهم حكماء أهل بريتانية سابقا وسيأتي ذكرهم.
قال : وإذا رمي بنعلين باليتين خلف من خرج من المنزل لمصلحة يرومها كان ذلك فألا بنجاحه وتوفيقه. وهذا تستعمله خصوصا علية الناس في بعض البلاد ولا سيّما عند الأعراس ، وإذا قصّ الإنسان شعر رأسه مدّة نموّ القمر نما وجثل (١٨٩). ويتطيّرون أيضا من رؤية الهلال من شبّاك أو زجاج ونحوه فإذا رأيته في الفضاء فاقلب ما في جيبك من الدراهم أو الفلوس وتمنّ خيرا في الشهر القابل تنله ، وإن يضع أحد ملحا في صحفة غيره ، وكذا لو قلب أحد وعاء الملح على المائدة. وأصل ذلك أن بعض المصورين الطليانيين صوّر العشاء الأخير ويهودا مبدّدا للملح.
قلت عادة أهل بلادنا إذا ابصروا الهلال أن يبرزوا له دينارا ويقولوا : جعلك الله شهرا مباركا. فأمّا قلب الملح ، فإنه عند العرب كناية عن الغدر والخيانة ، وحفظه كناية عن حقوق المودّة والعشرة ، وقسمهم بذلك لتعظيمه. قال الإمام الخفاجي :
__________________
(١٨٨) الطيرة بوزن عنبة : التشاؤم. (م).
(١٨٩) جثل الشعر : طال والتفّ. (م).