يمشي على انعكاس
البيت بهذا العصد هو وتلامذته وبعد انقضاء نحو ساعة ونصف على تأويل هذا
البيت يقومون وهم سامدو الرؤوس عجبا وفخرا ، ويظنّون أنّ شيوخ الجامع الأزهر
والأموي والزيتونة هم دون هذا النحرير الذي عرف مولد نيوطون ووفاته واستيلاء
المسلمين على الأندلس. وقد استبدّ هؤلاء الأساتيذ بهذه الدعوى بحيث أنّهم لا
يوظّفون الغريب ف هذه المدارس ، وإنّما يسمحون له بأن يعلّم أشخاصا على حدتهم ،
فلاهم يتعلّمون حقّ التعلم ، ولا يأذنون لغيرهم في أن يعلموا حقّ التعليم. وهذا
الداء فاش أيضا في مدارس فرنسا مع استتباب المصالح فيها. ولا بدّ لشيخ العربية من
أن يكون عالما بالاتينية حتى إذا جهل شيئا من تلك عمد إلى هذه فقوّر منها رقعة.
كمبريج وأكسفورد
واعلم أن كمبريج
وأكسفورد هما مدينتان في بلاد الإنكليز كلّ منهما تحتوي نحو عشرين مدرسة ، وألفي
طالب. ففي الأولى تعلّم الهندسة والرياضيات والإلهيات. وفي الثانية علوم الأدب
والفقه والمنطق والفلسفة. ولا يمكن التعلّم فيهما إلا بنفقة زائدة ، وما أحد
يقصدهما إلا أولاد الكبراء والأغنياء ، ولا سيّما أكسفورد ، فهناك ترى طالب العلم
شامخا بأنفه مصعّرا خدّه كأنّما هو طالب ملك الصين والهند. وأكثرهم يصرف همّه في
ركوب الخيل واللذّات وينبذ العلم ظهريّا. فمتى حان يوم الامتحان عرف ما يريد الشيخ
أن يمتحنه به من المسائل إذ هي محصورة معدودة ، فيجتهد في حفظها وترسّمها ، فإذا
سردها عليه وأحسن سردها أجازة بصكّ يذكر فيه أنه نال مرتبة المعلمين ، وهي عندهم
متنوعة.
ولكلّ من هذه
المدارس أوقاف يعيش منها القسيسون الملازمون لها ، ويقال لكلّ
__________________