المتوقعات على طالبي المودّات مؤذنات بعدم المعقولات.
فنظرت إليه وكان ذا لحية طويلة فقالت :» إن اللحى المسترخيات على صدور أهل الركاكات محتاجات إلى المواسي الحالقات».
وكان المأمون جالسا مع ندمائه ببغداد مشرفا على دجلة ، وهم يتذاكرون أخبار الناس فقال المأمون :
«ما طالت لحية إنسان قط إلا ونقص من عقله بمقدار ما طال من لحيته ،
وما رأيت عاقلا قط طويل اللحية.
فقال له بعض جلسائه : ولا يردّ على أمير المؤمنين قد يكون في طول اللحى أيضا عقل. فبينما هم يتذاكرون هذا أقبل رجل كبير اللحية حسن الهيئة فاخر الثياب.
فقال المأمون لبعض الخدم : عليّ بالرجل. فلم يلبث أن أصعد إليه ، ووقف بين يديه ، فسلّم وأجاد السلام فأجلسه المأمون ، واستنطقه فأجاد النطق.
فقال المأمون : مل اسمك؟
فقال : حمدويه.
قال : والكنية؟
قال : أبو علويه
ثم قال : ما صنعتك؟
قال : أنا فقيه أجيد مسائل الشرع.
فقال له : نسألك مسألة
فقال الرجل : عمّا بدالك
فقال له المأمون : ما تقول في رجل اشترى شاة من رجل ، فلمّا تسلّمها المشتري ضرطت ، فخرج من إستها بعرة فقأت عين الرجل ، فعلى من تجب دية العين؟ قال : فنكت بإصبعه في الأرض طويلا.
ثم قال : تجب على البائع دون المشتري.
فقال المأمون : وما العلّة التي أوجبت الدية عليه دون المشتري؟
قال : إنه لما باعها لم يشترط أن في إستها منجنيقا. فضحك المأمون حتى استلقى لى قفاه ، وضحك كل من حضر من الندماء وأنشد المأمون :