المحل الثاني في أرتال الإنكليز لا يكون إلا مقاعد من خشب إذا قعد عليها الإنسان بضع ساعات ألم غاية الألم ، فأمّا عند الفرنسيس فإنها تكون شبه الأريكة يقعد المسافر عليها ما قعد ولا يملّ. وقس على ذلك البواخر. ومواقف الأرتال في فرانسا أحسن منها في إنكلترة غالبا وأبهج. وفي بعضها تكون مطاعم عظيمة يجد الإنسان فيها كل ما يشتهي بخلاف مواقف الإنكليز. فإنّ ما في مطاعمها كريه ، ولا سيّما القهوة فإنّها عبارة عن حساء القطاني ؛ ولهذا كان أكثر المسافرين من الإنكليز يتزوّدون من بيوتهم ما يلزم لهم مدّة السفر ، ويأكلون وهم قاعدون في العواجل ، وقلّ منهم من يتغذّى في المطاعم ، وما أرى الحق إلا معهم ، فإنّ تلك المطاعم فضلا عن غلائها ربما أورثت الآكل هيضة (١٥٣) تمنعه عن السفر.
محل المنسيّات
وفي كلّ من هذه المواقف يكون محل للحاجات التي ربّما ينساها المسافرون هناك لسبب العجلة أو الذهول ، فتبقى هناك محفوظة حتى إذا علم صاحبها ردّت عليه في الحال وإلا أبقيت فيه سنتين ، ثم تباع ويوزّع ثمنها على خدمة الموقف ، ولا سيّما الذين أصيبوا منهم في أبدانهم. واتفق مرّة لرجل أن نسي كواغد مالية بمائة وخمسين ليرة ، فلمّا عرف اسمه ردّت عليه ، واتفق لي أيضا أني كنت نسيت خرجا في كالي ولّما استقرّ بي المقام في القرية تفقّدته ، وعلمت بأنه بقي هناك ؛ فكتبت إلى مدير الموقف فيها فلم يلبث أن أرسله إلي.
اللقطة في الحديث الشريف
ويحسن هنا أن نذكر ما يناسب المقام ممّا أورده البخاري في باب اللّقطة من صحيحه قال : حدّثني محمد بن بشار : حدّثنا غندر : حدّثنا شعبة عن سلمة قال :
__________________
(١٥٣) الهيضة : القيء مع الإسهال. (م).