أنفق في هذا العمل الجليل عشرين ألف ليرة ، ومهّد لبلادنا طريقة فاقت بها على جميع الممالك ، لم تجازه على ذلك بل عاملته بالكنود (١٤٥) ، على أنه تحقّق وثبت أن ما أكسبها من فوائد هذا الاختراع يبلغ ستمائة مليون ليرة ، وأفاد أيضا مؤنة ستمائة ألف من الصنّاع.
وقد كان الرومانيون في الزمن القديم يصفّحون قعور سفنهم بالرصاص ، وكان ثمنه إذ ذاك أغلى ممّا هو الآن بأربعة وعشرين ضعفا ، ويقال : إن أحسن صبغ للشعر ، هو ما يتّخذ من الرصاص وهو في نفس الأمر سم.
الفحم الحجري في إنكلترة
أمّا فحم الحجر فإن أهل بريتانيا الأقدمين كانوا يستعملونه ، وإن لم يذكر ذلك الرومانيون فيما ذكروا من أحوال هذه الجزيرة ، وأوّل كشفه كان في نيوكاستل بإنكلترة سنة ١٢٨٤ وزعم بعض أنه قبل هذا التاريخ. وكان قد منع أولا من استعماله بدعوى أنّه مضرّ بالصّحّة حتى إن الحدّادين كانوا لا يوقدون إلا الحطب. وفي سنة ١٣٨١ اتّخذ كأنّه صنف للتجارة ؛ فصارت الناس تجلبه من المحل المذكور إلى لندرة ، ثمّ عمّ استعماله فيها ، وذلك في سنة ١٤٠٠. فأمّا في جميع إنكلترة فلم يعم قبل سنة ١٦٢٥. ويوجد منه معدن في نورثمبرلند في سهل فسيح امتداده ٧٢٣ ميلا مربعا ، وقريب منه سائر الأماكن. والموجود منه في والس فقط يكفي إنكلترة على المعدّل الذي ينفق منه الآن ألفي سنة.
والمنصرف منه في بريتانية في كل سنة ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٢٥ طن. وفي سنة ٥٧ وصل إلى مرسى لندرة ٥٠٠ ، ١ سفينة مشحونة بالفحم ، وبلغت كمية ما ورد إليها منه بحرا وبرّا ٧٠٨ ، ٣٦٨ ، ٤ أطنان. والمستخرج منه من درهام ومن نورثمبرلند يبلغ في السنة ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ١٤ طن يصرف منها في لوازم لندرة ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٦ وفي لوازم البلاد الخارجية ٠٠٠ ، ٥٠٠ ، ٢ وقدر ذلك لأجل الغاز ، والباقي في مهمات أخرى.
__________________
(١٤٥) الكنود : كفر النعمة ، وإنكارها. (م).