مخلّد ، فهنيئا
للمصطلين ، وطوبى للمستدفئين ، أليس أن عبادة النيران في بلاد الفرس نشأت عن البرد
كما قال ابن صاره في المعنى :
أحلّ لنا ترك
الصيام بأرضكم
|
|
وشرب الحميّا
وهو شيء محرّم
|
فرارا إلى نار
الجحيم فإنّها
|
|
أرقّ علينا من
شلير وأرحم
|
لئن يك ربي
مدخلي في جهنّم
|
|
ففي مثل هذا
اليوم طابت جهنّم
|
أثر المناخ في حياة البشر
ثم إنه لا يخفى
أنّ أهل البلاد الحارّة يكونون أذكى ذهنا ، وأسرع فهما من أهل البلاد الباردة ،
إلا أنّهم لا يكون لهم جلد على الأعمال الشّاقّة لغلبة الترهل عليهم ، ولا عظم
همّة لمباشرة المساعي الخطيرة ، ولا يمكن أن يلحقوا أهل البلاد الباردة في العزّ
والغنى ، إلا أن يكون لبعض البلاد مزيّة خاصة بوجود المعادن وغيرها كبلاد الهند
مثلا. أمّا سكان البلاد الباردة فيتحمّلون مشاقّ الأعمال ، ويستطيعون إدمان السعي
ويعمّرون أكثر ؛ ولهذا كان جلّ الفاتحين والغازين من الشمال ، وكأن جزيرة العرب
مستثناة من هذا الحكم ، إلا أنّ أيّامهم في الشتاء تكون قصيرة جدّا ؛ فيضطرون إلى العمل
ليلا. وربّما كنبت أيديهم من شدّة البرد.
وفي كتاب منسوب
إلى أرسطو : أن أهل البلاد الحارّة يعمّرون أكثر من أهل البلاد
__________________