أن أقول في علي عليهالسلام وقد قال الله تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ
(١٠) أُولَٰئِكَ
المُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ
(١٢) ثُلَّةٌ مِّنَ
الأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ
(١٤) عَلَىٰ سُرُرٍ
مَّوْضُونَةٍ (١٥) مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ
(١٦) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ
وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن
مَّعِينٍ (١٨)
لاَّ
يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ
(١٩) وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا
يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ
(٢١) وَحُورٌ عِينٌ
(٢٢) كَأَمْثَالِ
اللُّؤْلُؤِ المَكْنُونِ (٢٣) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
(٢٤) لا يَسْمَعُونَ فِيهَا
لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا (٢٥) إِلاَّ قِيلاً سَلَامًا سَلَامًا
(٢٦) ) .
وكان عليٌّ أول السابقين للاسلام في
تأريخ الاسلام ، وأفضل السابقين للايمان في العالم ، فقد أخرج العلامة السيوطي في
الدار المنثور عن ابن مردويه عن ابن عباس في قوله (
وَالسَّابِقُونَ
السَّابِقُونَ ) قال نزلت في حزقيل مؤمن آل فرعون ،
وحبيب التجار الذي ذكر في ياسين ، وعلي بن أبي طالب ، كل رجل منهم سابق أمته ،
وعليٌّ أفضلهم سبقاً .
عاش عليٌّ عليهالسلام
تأريخاً إنسانياً مليئاً بالاحاسيس الكونية ، والأسرار الالهية ، واستشهد عملاقاً
أزلياً لم تكتشف الحضارة الانسانية مرافئ وشواطئ عالميته ، فضلاً عن الأعماق
البعيدة ، وقد اتسع للبشرية جمعاء ، ولم تسعه البشرية جمعاء ، فسلام عليه يوم ولد
ويوم مات ويوم يبعث حيّاً.
وكانت مسيرة الكائن الانساني مرتبطة
الوجود الحقيقي الناصع برسالته نبينا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم
وخلافة أوصيائه الائمة المهديين ، فقد كمل بذلك الدين ، وتمت النعمة وأرتضي
الاسلام ديناً ، فعالجت هذه الرسالة قضية الانسان في كل أبعادها المعقدة ، وأوجدت
لها الحلول الشاملة ، وتابعت مراحل هذا الكائن الكريم عند الله في أدواره الزمنية
الفعلية ابتداء من الحضانة حتى الميراث ، وسارت معه سيراً سجحاً أوقفه على ساحل
الأمن والاطمئنان ، فأهتدى من إهتدى عن بصيرة وبينّة ، وضل من ضل عن عناد وإصرار ،
حتى إنتهت به إلى العالم الآخر.
والمتفحص للسياق القرآني العظيم ، يجد
الحياة الدنيا ويجد الحياة الآخرة بجلاء ووضوح ، ويلمس بينهما حياة البرزخ بعد
التبصر والامعان.
__________________