الحنفية وسلمان
الفارسي ، وأبي سعيد الخدري ، وإسماعيل السدي ، قالوا جميعاً : ( وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ
) هو علي بن
أبي طالب .
وهنا نقف مقارنين بين من عنده علم من
الكتاب وهو وصي سليمان في قوله تعالى : (
قَالَ
الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ
إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن
فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ
) .
وعند أهل العربية أن من للتبعيض كما هو
معروف ، أي أن وصي سليمان عنده جزء وشيء من كليّ علم الكتاب ، وبلمحة عين جاء بعرش
بلقيس من اليمن إلى حيث مجلس سليمان من الأرض المقدسة. فما هو رأيك بمن عنده علم
الكتاب كله ، وما هي قدرته الخارقة التي خولها الله إياه فيما لديه من إمكانات
وطاقات سخرها جميعاً في إعلاء كلمة الله في الأرض ، وترسيخ الكيان الاسلامي الوليد
، ووحدة الأمة المتفرقة ، وتوحيد الكلمة وكلمة التوحيد ليس غير يكفي أن نشير إلى
فدائه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
بنفسه ليلة الهجرة ، وقتله نصف المشركين ببدر ، وكانوا سبعين ، قتل منهم بسيفه
خمسة وثلاثين فارساً ، وشارك في النصف الثاني ، وقتله حملة الألوية جميعاً في أحد
من بني عبد الدار ، وقتله عمرو بن ودّ العامري في الخندق ، وقد برز الايمان كله
إلى الشرك كله ، وكفى الله المؤمنين القتال ، وكانت ضربته تلك تعادل عبادة الثقلين
كما قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
، وقلع باب خيبر وقتل مرحب ، وقد أعطاه الراية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قائلاً : والله لأعطين الراية غداً
رجلاً يحبه الله ورسوله ، ويحب الله ورسوله ، كراراً غير فرار ، لا يرجع حتى يفتح
الله على يديه. وحضوره كل مشاهد رسول الله عدا غزوة تبوك التي كان فيها بمنزلة
هارون من موسى ، وقد إستخلفه النبي على المدينة ، وأهم من هذا كله تمثل الاسلام متكاملاً
في شخصيته بمبادئه كافة ، فهو النموذج الأرقى الذي حمل الاسلام فكراً ورأياً
وعقيدة ونظاماً حتى ذهب شهيد عظمته في مثل هذه الليلة نتيجة مؤامرة ثلاثية خطيرة
بين الخوارج ومعاوية ورتل المنافقين في الكوفة متمثلاً بالاشعث بن قيس ، وماذا عسى
__________________