قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ المَوْتَىٰ بَل للهِ الأَمْرُ جَمِيعًا ) (١).
فأبان تعالى أن هدايتهم لا أمل في تحقيقها ، لأن أمر الآيات بيده تعالى ، والأمر له جميعاً وبين أيديهم الآية الكبرى وهو القرآن ، فلو أن قرآنا كانت هذه صفته ، لكان هذا القرآن ، ومع ذلك فلم يكن لهم أن يهتدوا به إلا بإذنه تعالى.
وحينما جوبهوا بهذا الردّ المتين ، تسللوا من طرف خفيّ لانكار أصل الرسالة في صلف وغرور لا مثيل لهما : ( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَىٰ بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (٤٣) ) (٢) ، فلقن الله نبيه الحجة عليهم لرسالته بشهادته وشهادة من عنده علم الكتاب ، وفي الآية إسناد الشهادة إلى الله تعالى ، وشهادة الله عندهم كبيرة : ( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ) (٣). فهم يشهدون أن أكبر الشهادات هي شهادة الله تعالى ، وحينما أخذ هذا الاقرار منهم ، وسجله عليهم ، اعتبر ذلك كافياً بينه وبينهم ، وأضاف له ( وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) في شهادته ، وهنا يبرز دور في بنائه قواعد الاسلام جنباً إلى جنب النبي ، وعليه الروايات الدالة أن الآية نزلت في علي عليهالسلام ، ويؤيده أنه أعلم الامة بالكتاب ممن آمن بالنبي بإجماع المسلمين ، عن أبي سعيد الخدري (رض). قال سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن قول الله جل ثناؤه ( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ ). قال ذاك وصي أخي سليمان بن داود ، فقلت يا رسول الله فقول الله : ( قُلْ كَفَىٰ بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) قال ذاك أخي علي بن أبي طالب (٤).
وعن الامام محمد الباقر والامام جعفر الصادق والامام موسى بن جعفر والامام علي بن موسى الرضا عليهمالسلام ، وزيد بن علي ، ومحمد بن
__________________
(١) الرعد : ٣١.
(٢) الرعد : ٤٣.
(٣) الأنعام : ١٩.
(٤) ظ : الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن : ١١ / ٣٨٨.