من ظاهر العبارة أن المزاوجة هى أن يجمع بين معنيين فى الشرط ومعنيين فى الجزاء كما جمع فى الشرط بين نهى الناهى ولجاج الهوى ، وفى الجزاء بين إصاختها إلى الواشى ولجاج الهجر ؛ وهو فاسد إذ لا قائل بالمزواجة فى مثل قولنا : إذ جاءنى زيد فسلم على أجلسته ، وأنعمت عليه ؛ وما ذكرنا هو المأخوذ من كلام السلف.
______________________________________________________
ما فى ترتب لجاج الهوى على النهى من المبالغة فى الحب لاقتضائه إن ذكرها ولو على وجه العيب يزيد حبها ويثيره كما قال : (١)
أجد الملامة فى هواك لذيذة |
|
حبّا لذكرك فليلمنى الّلوّم |
وما فى ترتب لزوم الهجران على وشى الواشى من المبالغة فى ضعف حبها ، وأنه على شفا إذ يزيله مطلق الوشى فكيف يكون الأمر لو سمعت أو رأت عيبا كما قال :
ولا خير فى ودّ ضعيف تزيله |
|
هواتف وهم كلّما عرضت جفا |
والمبالغتان مما يستحسن فى كل من المحب والمحبوب ، فمن شأن العاشق أن يوصف بمثل ما ذكر ومن شأن المعشوق أن يوصف بالعكس تحقيقا لمعنى العشق ، وإلا كان مكافأة ومجازاة فى الود فلا يكون من العشق فى شىء.
(قوله : من ظاهر العبارة) أى : لأن ظاهرها أن قوله فى الشرط والجزاء ظرف ليزاوج (قوله : إذ لا قائل إلخ) أى : لأنه لا بد فيها أن يكون المرتب على المعنيين الواقعين فى الشرط والجزاء واحدا وهنا المرتب على المجىء غير المرتب على الإجلاس (قوله : إذا جاءنى إلخ) أى : فقد جمع هنا بين معنيين فى الشرط وهما مجىء زيد وسلامه عليه ومعنيين فى الجزاء وهما إجلاسه وإنعامه عليه ومن جملة أمثلتها قول الشاعر :
إذا احتربت يوما ففاضت دماؤها |
|
تذكّرت القربى ففاضت دموعها (٢) |
احتربت بمعنى تحاربت والضمير فى تحاربت وفى دماؤها وفى دموعها للفرسان فى البيت السابق ، والمعنى : إذا تحاربت هذه الفرسان وتقاتلوا فاضت دماؤها التى سكبوها فى القتال ، ثم إذا تذكرت ما بينهم من القرابة الجامعة لهم فاضت دموعها على
__________________
(١) لأبى الشيص فى الإشارات ٣١٤ ، والإيضاح ص ٣٥٧.
(٢) الإيضاح ص ٣١٠.