(كقوله : إذا ما نهى الناهى) ومنعنى عن حبها (فلجّ بى الهوى) لزمنى (أصاخت إلى الواشى) أى : استمعت إلى النمام الذى يشى حديثه ويزينه ، وصدقته فيما افترى على (فلجّ بها الهجر) زاوج بين نهى الناهى ، وإصاختها إلى الواشى الواقعين فى الشرط والجزاء فى أن رتب عليهما لجاج شىء ، وقد يتوهم ...
______________________________________________________
منهما فإذا بنى معنى على كل منهما فقد ازدوجا أى : اجتمع ذلك الشرط وذلك الجزاء فى ذلك المعنى الذى بنى عليهما (قوله : كقوله) أى : الشاعر وهو البحترى (قوله : إذا ما نهى الناهى) (١) أى : إذا نهانى الناهى عن حبها وزجرنى الزاجر عن التوغل فى ودها (قوله : لزمنى) أى : صار الهوى لازما لى ومن صفاتى وأصل اللجاج كثرة الكلام والخصومة والتزامها وإدامتها معبر به عن مطلق اللزوم الصادق بلزوم الهوى مجازا مرسلا من التعبير باسم المقيد عن المطلق (قوله : فلج) عطف على نهى وجواب الشرط أصاخت ، وقوله فلج : بها عطف عليه (قوله : أصاخت إلى الواشى) قيل : الصواب رواية ودراية : أصاخ إلى الواشى فلجّ به الهجر بالتذكير ؛ لأن قبله
كأنّ الثّريّا علّقت بجبينه |
|
وفى نحره الشّعرى وفى خدّه البدر |
وفى شرح البيتين أن فى قوله : فلج بى الهوى ، وكذا فى قوله فلج بها الهجر قلبا ؛ لأن اللجاج من العاشق فى العشق لا من العشق فى العاشق ومن المعشوق فى الهجر لا من الهجر فى المعشوق ـ ا. ه فنرى.
فالمعنى فلججت فى الهوى ولجت فى الهجر (قوله : الذى يشى حديثه) مضارع وشى يشى من الوشى وهو التزيين ، فقوله ويزينه أى : بأن يأتى به على وجه يقبل عطف تفسير والمراد باستماعها لحديث الواشى قبولها له من إطلاق اسم السبب على المسبب (قوله : فلج بها الهجر) أى : لزمها ذلك وصار من صفاتها (قوله : لجاج شىء) أى : لزوم شىء وإن كان اللازم للشرط هو الهوى ، واللازم للجواب هو الهجر ولا يخفى
__________________
(١) البيت للبحترى ، فى ديوانه ص ٨٤٤ ، والتبيان للطيبى ٢ / ٤٠٠ ويروى (أصاخ) بدل (أصاخت).