وقد أسند إلى المفعول الأول (فهو) لشموله المدح وغيره (أعم من الاستتباع) لاختصاصه بالمدح ...
______________________________________________________
الغزل وهو الكلام الواقع من المحب فى شأن المحبوب الفخر بكونه حليما ، حيث كنى عن ذلك بالاستفهام عن وجود خليل صالح يودعه حلمه ، وضمن الفخر بالحلم شكوى الزمان لتغير الإخوان حيث أخرج الاستفهام مخرج الإنكار تنبيها على أنه لم يبق فى الإخوان من يصلح لهذا الشأن أى : إيداع الحلم عنده ، وقد نبه بقوله أودع الحلم عنده على أنه لم يعزم على مفارقة الحلم على سبيل الدوام ، بل فى بعض الحالات أعنى حالة وصال المحبوب للوقوف على الجهل ، وذلك لأنه لما كان شأنه أن يفعل أفعال الجهال وكان مريدا لوصاله ، عزم على أنه إن وجد من يصلح لأن يودعه حلمه أودعه إياه ، فإن الودائع ترد آخر الأمر ، واعلم أن المعنى الآخر وهو المضمن المدموج يجب أن لا يكون مصرحا به ، ولا يكون فى الكلام إشعار بأنه مسوق لأجله ، وإلا لم يكن ذلك من الإدماج ، فما قيل فى قوله :
أبى دهرنا إسعافنا فى نفوسنا |
|
وأسعفنا فيمن نحبّ ونكرم (١) |
فقلت له نعماك فيهم أتمّها |
|
ودع أمرنا إن المهمّ المقدّم |
إن هذا الكلام مسوق للتهنئة بالوزارة لبعض الوزراء ، وأن الدهر أسعفه بتلك الوزراة ، وأن الشاعر يحبها ، وضمن ذلك التشكى من الدهر فى عدم إسعافه هو فى نفسه ، فكانت الشكاية فيه إدماجا ، فهو سهو لأنه صرح أولا بالشكاية حيث قال : أبى دهرنا إسعافنا فى نفوسنا فكيف تكون مدمجة بل لو قيل إن هذا الكلام مسوق للشكاية والتهنئة مدمجة كان أقرب ، ولا ينافى هذا كون المقصود بالذات هو التهنئة ، لأن القصد الذاتى لا ينافى إفادة ذلك المقصود بطريق الإدماج بأن يؤتى به بعد التصريح بغيره ، وقول الشاعر : أتمها أى أتم ما ابتدأته من النعمى أى الإنعام ، وأترك أمرنا فإن أمرهم مهم والمهم مقدم.
(قوله : وقد أسند) أى يضمن (قوله : لاختصاصه بالمدح) هذا بالنظر لظاهر تعريف الاستتباع ، أما لو قيل إن ذكر المدح فى التعريف بطريق التمثيل لا للتخصيص ،
__________________
(١) الإيضاح ص ٣٢٨.