فلان لا خير فيه إلا أنه يسىء إلى من يحسن إليه ، وثانيهما : أن يثبت للشىء صفة ذم وتعقب بأداة استثناء تليها صفة أخرى له كقولك : فلان فاسق إلا أنه جاهل) فالضرب الأول يفيد التأكيد من وجهين والثانى من وجه واحد (وتحقيقهما
______________________________________________________
التأكيد وكان مشبها للمدح ، لما سبق من أن الأصل فيما بعد إلا مخالفته لما قبلها ، فيكون ما بعدها إثبات صفة المدح ، فتأمل.
(قوله : فلان لا خير فيه إلا أنه يسىء إلى من أحسن إليه) أى أنه انتفت عنه صفات الخير إلا هذه الصفة ، وهى الإساءة للمحسن إليه إن كانت خيرا ، لكنها ليست خيرا وحينئذ فلا خير فيه أصلا ، ويجرى فى هذا ما جرى فى الضرب الأول فى تأكيد المدح من كون التأكيد فيه من وجهين ؛ وذلك لأنه كدعوى الشىء ببينة ، وهو هنا نفى الخيرية عنه بالمرة ، وذلك لتعليق وجود الخيرية فى فلان على المحال ، وهو كون الإساءة للمحسن إليه خيرا المبنى ذلك على تقدير الاتصال فى الاستثناء ؛ ولأن الكلام من جهة كون الأصل فى الاستثناء الاتصال يشعر بأن المتكلم طلب الأصل وهو استثناء المدح ليقع الاتصال ، فلما لم يجده استثنى ذمّا فجاء فيه ذم على ذم. قال السبكى فى عروس الأفراح : فى هذا المثال نظر ؛ لأن الأصل فى الاستثناء الاتصال فلا بد أن يكون فيه مناسبة بين الخصلة المستثناة والخصال المستثنى منها ، والإساءة إلى من أحسن إليه ليس فيها شىء يشبه الخير ، وعلاقة المضادة هنا بعيدة الاعتبار ، فينبغى أن يمثل بما صورته صورة إحسان ، كقولك : فلان لا خير فيه إلا أنه يتصدق بما يسرقه. اه. يس.
(قوله : وتعقب) أى تلك الصفة (وقوله : تليها) أى : تلى تلك الأداة ، (وقوله : له) أى كائنة لذلك الشىء الموصوف بالصفة الأولى (قوله : والثانى من وجه واحد) أى لأن كونه كدعوى الشىء بالبينة لا يتأتى هنا لأنه يتوقف على التعليق وهو بالمحال وهو يتوقف على اتصال الاستثناء ، وهو لا يتأتى هنا لأن المستثنى منه هنا صفة خاصة لا يمكن دخول شىء فيها ، وحينئذ فالضرب الثانى وإنما يفيد التأكيد من جهة أن الاستثناء لما كان الأصل فيه الاتصال ، والعدول عن الاتصال إلى الانقطاع يشعر بأن المتكلم طلب استثناء المدح فلم يجده ، فأتى بالذم على الذم فجاء تأكيد الذم (قوله : وتحقيقهما) أى