وذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة : أنه وجد للفقيه جمال الدين بن خشيش الآتى ذكره كتابا ألفه سماه «المقتضب» قرأه عليه الرضى بن خليل وكتب له بخطه بسبب قراءته له عليه ألقابا منها : مفتى الحرمين ، وذلك فى سنة أربع وستين وستمائة.
قلت : هذه مزية للرضى ، ومع ذلك فما سلم من الأذى. فقد وجدت بخط أبى العباس الميورقى : خرق الشرفاء هيبة الرضى محمد بن أبى بكر بن خليل فى شوال سنة خمس وسبعين ، ولم يزد على ذلك ، ولم يذكر سبب ذلك. ولعل سبب هذه القضية إنكاره المنكر ، كما ذكر ابن رشيد فيما سبق.
ووجدت ذلك بخط أبى عبد الله بن قطرال فى تعاليقه ، فى أثناء ترجمة الرضى بن خليل هذا ؛ لأنه قال : أخبرنى ثقة ، أنه سجن مرة على تغيير منكر قام به. فرأى صاحب مكة أبو نمى الكعبة المشرفة تطوف بالسجن الذى كان فيه ، فأخرجه واستعطفه وسأل المغفرة. انتهى. وهذه منقبة عظيمة.
وللرضى بن خليل هذا نظم ، فمنه ما أنشدناه الشيخ أبو اليمن محمد بن أحمد بن الرضى إبراهيم الطبرى بقراءتى عليه الحرم الشريف ، أن أباه وعثمان بن الصفى أنشداه إجازة عنه. ونقلت من خطه هذه الأبيات :
إن الحليفة للمدينة محرم |
|
ويلملم يمن وشام جحفة |
عرق عراق ثم نجد قرنها |
|
هذى المواقيت الشريفة جمة |
فحليفة عشر وجحفة أربع |
|
ومراحل التالى اثنتان ريحة |
ومنه بهذا الإسناد ، وأنشد ذلك له ابن الجزرى فى تاريخه :
يا نازحين ودمع العين ينزحه |
|
من بعد بعدهم عودوا ولى عود |
ترى لييلات سلع هل تعود بكم |
|
وذاوى الحب هل ينشق له عود |
أفنى جميعى هواكم لا عدمتكم |
|
سوى أنين ووجد فهو موجود |
وحق حبكم لا خنت عهدكم |
|
فعللونى بوصل أو به جودوا |
لله وقت قضيناه على دعة |
|
والشمل مجتمع والبين مطرود |
ومنه به :
أيها النازح المقيم بقلبى |
|
فى أمان أنى حللت ورحب |
جمع الله بيننا عن قريب |
|
فهو أقصى مناى منك وحبى |