بالمواليد ، وأمطار مكة فى الجاهلية والإسلام ، وغير ذلك ـ وبين ما كان بعد أبى الوليد الأزرقى ، من الأخبار الملائمة لذلك كله ، لما فى ذلك من كمال الفائدة.
وفيه فوائد أخر ، لم يذكرها الأزرقى ، مع إمكانة لذكر بعضها. وكما هو مذكور فى التأليف المشار إليه.
ولم يعن الأزرقى بجمع ولاة مكة فى الإسلام. وما ذكر من المسائل والمآثر ، والأخبار الإسلامية إلا يسيرا جدّا ، بالنسبة إلى ما ذكرته. وذكر كثيرا من الأخبار الجاهلية.
وسبب جمعى له : أن نفسى تشوفت أيضا كثيرا إلى معرفة ما كان بعد أبى الوليد الأزرقى : من أخبار هذه الأمور ، وإلى معرفة ما وقع بعده من الأوقاف بمكة على الفقهاء والفقراء ، وغير ذلك من المدارس والربط ، وغير ذلك.
فعرفت من ذلك طرفا جيدا ، بعضه من كتب التاريخ التى نظرتها لأجل التراجم ، وبعضه من أحجار ورخام وأخشاب مكتوب فيها ذلك ، ثابتة فى بعض الأماكن المشار إليها ، وبعضه علمته من أخبار الثقات ، وبعضه شاهدته.
وعلقت ذلك فى أوراق مفردة خيفة نسيانه من غير ترتيب. ثم بدا لى تأليف ذلك ، مع ملاءمة من الأمور التى ذكرها الأزرقى ، ففعلت ذلك.
وإنما جعلت هذه المقدمة مع التراجم المشار إليها ، ليحصل للناظر فى ذلك معرفة ما اشتملت عليه المقدمة ، مع معرفة التراجم.
ولما سمع الأصحاب بجمعى لهذا الكتاب : كثر اشتياقهم إليه ، وعظمت رغبتهم فى الوقوف عليه ، للإحاطة بفوائده ، واستطراق فرائده ، وألحوا علىّ فى أن أبيضه لهم ، فلم يسعنى معهم إلا امتثال أمرهم ، وكنت ترددت فى ذلك ، لعدم وفائه بالمقصود ، ثم قلت : لا لوم على المقل فى بذل المجهود.
وسبب هذا الاخلال : أن مكة ليس لها تاريخ على هذا المنوال. لأنى لا أعلم أحدا جمع لمكة تاريخا إلا الأزرقى (١) ، والفاكهى ، وشريف ـ يقال له «زيد بن هاشم بن على
__________________
(١) هو محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق ، أبو الوليد الأزرقى : مؤرخ ، يمانى الأصل ، من أهل مكة. له «أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار ـ ط» جزآن.
انظر : (الأعلام ٦ / ٢٢٢ ، فى أكثر المصادر ، ومنها اللباب لابن الأثير ١ : ٣٧ أن نسبه الأزرقى إلى جده الأزرق أبى عقبة ، من غسان ؛ وقال ابن خلدون : وعنه أخذ القلقشندى فى نهاية الأرب ٧٩ إنه من نسل «الأزرق» العمليقى. توفى سنة ٢٢٣ ه. ونبه صاحب الرسالة المستطرفة ص ١٠٠ إلى أن جده «أحمد بن محمد» توفى (سنة ٢٢٢) كما فى تهذيب التهذيب ١ : ٧٩ نقلا ـ