ابنه الملك السعيد محمد بركة خان (١) فى مرتبة الملك وحضر الأمراء فقبلوا الأرض بين يديه ، وجلس الأمير عز الدين أيدمر الحلى ـ نائب السلطنة ـ وجلس الأتابك ، والصاحب بهاء الدين على بن حنّا وكتاب الإنشاء ، والقضاة ، والشهود ، وحلّف له الأمراء وسائر العساكر فى تاسع صفر منها ، وركب فى ثالث عشره فى الموكب كما يركب والده ، وجلس فى الإيوان ، وقرئت عليه القصص ، وقرىء فى العشرين منه تقليد بتفويض السلطنة له فى الإيوان ، واستمر جلوسه فيه لقضاء الأشغال ، ووقّع ، وأطلق وركب فى المواكب.
وأقام السلطان الأمير بدر الدين بيليك الخازندار نائبا عنه عوضا عن الحلى ، وسار إلى الشام فى ثانى عشر جمادى الآخرة بحصة من العساكر وترك أكثرها مع ولده الملك السعيد ، ونزل بخربة اللصوص ـ خارج دمشق ـ وسار متنكرا إلى القاهرة ليشاهد أحوال ولده ، فخفى ذلك على جميع من معه من العسكر حتى عاد إليهم ، وفى حكاية ذلك هنا طول ليس من قصد هذا الجزء.
واتفق الاختلاف بين الشريف نحم الدين أبى نمى وبين عمه الشريف بهاء الدين إدريس أميرى مكة ، فرتّب السلطان لهما عشرين ألف درهم نقرة فى كل سنة عوضا عما يؤخذ بمكة من المكوس ، وأن لا يمنع أحد من دخول الكعبة ، وأن يخطب له بمكة والمشاعر، وتضرب السكة باسمه ، فأجاباه ، وكتب لهما تقليد الإمارة ، وسلمت أوقاف الحرم بمصر والشام لنوابهما.
وسلم للشريف قاضى المدينة النبوية وخطيبها ووزيرها ـ عندما حضر برسالة الأمير عز الدين جماز أمير المدينة ـ الجمال التى نهبها الأمير أحمد بن حجى (٢) لأشراف المدينة ـ وهى ثلاثة آلاف بعير ـ ليوصلها لأربابها.
وأنعم على الطواشى جمال الدين محسن الصالحى ـ شيخ الخدام بالحجرة الشريفة ـ بمائتى ألف درهم ، وأعاده مع القاضى صحبة الركب الشامى وقدم الأمير شرف الدين
__________________
(١) انظر : (تاريخ سلاطين المماليك ٤٥٢ ، ٤٥٥ ، ٤٧٠ ، السلوك ٢ / ٢٣٨ ، أبو الفداء ٣ / ١٢ ، مورد اللطافة ٤٠ ، ابن الفرات ٧ / ١٦٥ ، ابن إياس ١ / ١١٢ ، النجوم الزاهرة ٧ / ٢٥٩ ، ابن الوردى ٢ / ٢٢٧ ، الأعلام ٧ / ٥٢).
(٢) انظر : (الضوء اللامع ١ / ٢٩٦ ، المنتخب من شذرات الذهب ـ خ ، القلائد الجواهرية ١١٢ النعيمى ١ / ١٣٨ ، التبيان ـ خ ، شذرات الذهب ٧ / ١١٦ ، الأعلام ١ / ١١٠).