الملك المعظم شمس الدين توارن شاه (١)
ابن والد الملوك نجم الدين أيوب بن شاذى بن مروان الكردى. نشأ بدمشق ، وقدم إلى القاهرة مع أهله فى سنة أربع وستين وخمسمائة ، وقد تقلد أخوه الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وزارة مصر للخليفة العاضد لدين الله أبى محمد عبد الله ابن الأمير يوسف بن الحافظ لدين الله (٢) ، فكان من أعظم الأسباب فى نصرة أخيه صلاح الدين يوم وقعة السودان حتى هزمهم وأفناهم بالسيف ، فأقطعه قوص وأسوان وعيذاب ، وعبرتها يومئذ مائتا ألف دينار وستة وستون ألف دينار مصرية فى كل سنة.
ثم غزا النوبة فى سنة ثمان وستين ، وأخذ قلعة إبريم ، وعاد غانما ، ثم صار إلى بلاد اليمن فى سنة تسع وستين ، وعلى ملك زبيد أبو الحسن على بن مهدى الملقب عبد النبى(٣) ، وقدم مكة معتمرا ، وتوجه إلى زبيد ، واستولى على ممالك اليمن ، وتلقب بالملك المعظم ، وخطب لنفسه بعد الخليفة العباسى.
ثم توجه فى سنة إحدى وسبعين إلى الشام ، فملّكه أخوه صلاح الدين دمشق فى ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين.
ثم جهّزه إلى القاهرة فى ذى القعدة سنة أربع وسبعين ، وأنعم عليه بالإسكندرية ، فأقام بها إلى أن مات هناك أول صفر سنة ست وسبعين وخمسمائة ، فوجد عليه مبلغ مائتى ألف دينار مصرية دينا قضاها عنه السلطان صلاح الدين ، وسبب هذا الدين كثرة جوده ، وسعة عطائه.
ومن غريب ما يحكى عنه أن الأديب الفاضل مهذب الدين أبا طالب محمد بن على الخيمى قال : «رأيت فى النوم المعظم شمس الدولة توران شاه ، وقد مدحته وهو فى القبر ميت ، فلفّ كفنه ورماه إلىّ وأنشدنى :
لا تستقلنّ معروفا سمحت به |
|
ميتا وأمسيت منه عاريا بدلى |
ولا تظنّنّ جودى شأنه بخل |
|
من بعد بذلى ملك الشام واليمن |
إنى خرجت من الدنيا وليس معى |
|
من كل ما ملكت كفى سوى الكفن |
__________________
(١) انظر : (صلة التكملة ـ خ ، أعلام النبلاء ٤ / ٤٥٢ ، ترويح القلوب ١٠٠ ، العبر ٥ / ١٤٥).
(٢) انظر : (ابن خلدوان ٤ / ٧٦ ، ٨١ ، ٨٢ ، ابن الأثير ١١ / ٩٩ ، ١٣٧ ، النجوم الزاهرة ٥ / ٣٠٧ ، ٣٣٤ ، ٣٥٧ ، ابن إياس ١ / ٦٧ ، حلى القاهرة ٩٣ ، الأعلام ٤ / ١٤٧).
(٣) انظر : (تاريخ عدن ـ خ ، بلوغ المرام ١٨ ، مفرج الكروب ٢٣٨ ـ ٢٤٣ ، مرآة الجنان ٣ / ٣٩٠ ، الأعلام ٤ / ١٧١).