السنة ، وكان فى عشيرة من قومه ، فصحب علىّ داعى اليمن عامر بن عبد الله الزواحى (١) ـ أحد دعاة الدولة الفاطمية ـ ومال إلى مذهب التشيع ، وتضلع من علوم الشيعة حتى صار إماما فيه ، ثم ثار سنة تسع وعشرين وأربعمائة بستين رجلا أصحاب عشاير ، فصار فى عشرين ألف ضارب سيف من يومه.
ودعا للإمام المستنصر بالله أبى تميم معد بن الظاهر بن الحاكم ـ أحد الخلفاء الفاطمية بالقاهرة ـ وملك اليمن كله ، سهله وجبله ، ووعره وبره وبحره ، وخطب بنفسه ، وكانت قاعدة ملكه صنعاء.
وحجّ سنة خمس وخمسين وأربعمائة ، وملك مكة فى سادس ذى الحجة منها ، ونشر بها العدل ، وأكثر فيها من الإحسان ، ومنع المفسدين ، وأمّن الناس أمنا لم يعهدوه قبله ، ورخصت بها الأسعار لكثرة ما جلب إليها بأمره ، فأحبّه الناس حبّا زائدا ، وكسى الكعبة الديباج الأبيض ـ وهو كان شعار الدولة الفاطمية ـ وأقام بها دعوتهم. ثم حجّ فى سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ، فلما نزل ظاهر المهجم قتل فى ثانى عشر ذى الحجة بيد سعيد الأحول بن نجاح (٢) ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
* * *
وملك بعد ثم حجّ الملك العادل نور الدين محمود (٣)
ابن أتابك عماد الدين زنكى بن أبى سعيد قسيم الدولة آق سنقر ـ المعروف بالحاجب ـ بن عبد الله.
كان جده آق مملوكا تركيا للسلطان ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقى ، وترقى إلى أن استنابه تاج الدولة تتش بن أرسلان فى حلب لما ملكها فى سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ، فعصى عليه وحاربه ، فقتل فى جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وأربعمائة ،
__________________
(١) الزواحى : نسبة إلى الزواح ، وهى قرية من أعمال مخلاف حراز ثم من أعمال النجم فى أوائل اليمن. انظر معجم البلدان ٣ / ١٥٥.
(٢) انظر : (غاية الأمانى فى أخبار القطر اليمانى ٢٥٣ ـ ٢٧٢ ، بهجة الزمن ٦٣ ، أنباء الزمن فى تاريخ اليمن ـ خ ـ حوادث سنة ٤٨١ ه ، المخلاف السليمانى ١ / ١١٦ ، ١٢٣٢ ، الأعلام ٣ / ١٠٣).
(٣) انظر : (كتاب الروضتين ١ / ٢٢٧ ـ ٢٢٩ ، ابن الأثير ١١ / ١٥١ ، ابن خلدون ٥ / ٢٥٣ ، ابن الوردى ٢ / ٨٣ ابن خلكان ٢ / ٨٧ ، مرآة الزمان ٨ / ٣٠٢ ، مفرج الكروب ١ / ١٠٣ ، الأعلام ٧ / ١٧٠).