السنة.
وسبب عزله أن الخواجا شمس الدين ابن الزمن الشامي أحد خواص الملك الأشرف قايتبائي صاحب الديار المصرية والشامية لما بنى الرباط الذي أنشأه بالمسعى أراد أن يبني سبيلا بالمشعر فحفر أساسه ، فجاء القاضي برهان الدين إلى هناك ومنع الفعلة من ذلك (١) ، فغضب ابن الزمن لذلك وأرسل كاتب السلطان ونّمق من المقالات ما شاء وسأله في عزله فأجابه السلطان إلى ذلك ، ولما أن عزل أحضر الأموال التي كانت تحت يده للأيتام والغياب إلى أمير الحاج يشبك الجمالي وعنده القضاة والتجار فوجدت نحو ستة عشر ألف أشرفي ذهبا ، ولم يوجد يتيم أصرف عليه من ماله درهما فردا لا نفقة ولا كسوة ولا زكاة ، إنما كان يتسبب لهم في أموالهم وينفقهم ويكسوهم ويزكي لهم مما يتحصل لهم ، فبعضهم يفضل له من محصوله وبعضهم يخرج سواء بسواء ولم ينقص لأحد منهم الدرهم الفرد من رأس ماله.
ولقد أخبرني وهو صدوق أنه غرم لبعض الأيتام من ماله مائة وعشرين أشرفيا ، لأنه كان ماله عنده ونسيه ولم يتسبب له في شيء منه ، فلما أن جمع الأموال وجد هذه الصرة ولم يتسبب فيها ، وكان أصرف على اليتيم نفقته وكسوته فقال : كيف أترك هذا اليتيم وحده من غير تسبب له في ماله فما وسعني إلا أن أحسب مصروفه وغرمته من عندي ، وهذا شيء لم يعهد فيما مضى من الزمان أثابه الله وأحسن إليه.
ولما أن حضر الأموال إلى أمير الخلع وأراد أن يسلمها للمتولي فمنعه أمير الحاج والخواجا ابن الزمن وقالا له : اتركها عندك إلى أن تراجع السلطان بذلك ، فقال لهما : يكون عند الخواجا ابن الزمن أو عند الخواجا جمال الدين الطاهر فامتنعا من ذلك ، فجاء العلم من السلطان أن يترك المال عنده إلى أن
__________________
(١) إتحاف الورى ٤ : ٥٢.