المودة بين" طغانشاه" و" شاهنشاه أردشير" مع مرور الأيام وتعاقب الشهور والأعوام وكان مرور الزمن يتخذ بهجة وسرورا أكثر كما كانت بينهما المجاملة فى البداية كانت المودة والصفاء فى ازدياد بينهما فى النهاية وكانت الملاطفات بينهما دائمة ، فلما استولى ملك الكواكب السيارة على أبراج قلعة الفلك الاثنى عشر بعد هذه المدة ، وبسطت عناصر الفصول الأربعة ملكها على جهات العالم الست قام أكابر طبرستان بالمبايعة وركعوا أمام عرش الإصفهبد قائلين نحن أبناء عبيد أسرتك واليوم تزداد سعة الملك ورغبة الشعب فيك أكثر من الأسلاف ومع اجتماع عظمة الملك والجلال الذى لا حدود له ، وخصال الرأى والبصيرة فى عواقب الأمور والدراية بعواقب أمور الزمان فأنت تعلم أن الدهر ملىء بالمرتفعات والانخفاضات وواضح جلى أمام رأيك المتين وفكرك المبين ، وقائع وتواريخ العالم فسادة العالم من أنبياء وأولياء ومتوجين ممن دانت الأقاليم السبعة لحكمهم ، واستقرت تحت سطوة سيفهم وسنانهم قد غادروا العالم وخلفوه لنا وقد سعى كل واحد منهم بقدر طاقته وبما جرى به قضاء الزمان وإرادة حكم الله مجتهدا مجاهدا كى يجعل ذكره فى العالم أكثر رواجا وانتشارا ، وصاحب الهمة الوضيعة المجرد من المروءة هو من ابتلى أخلافه وأعقابه من بعده بالغم والهم ، ولم يرع وشيجة للملك أو الابن أو نفسه ، وانشغل بسلامة ذاته ومنع لذاته وقنع بذلك فهو كالكلب الذى تشبث بعظمة أو كالفار الذى يهرب من القط ، ونحن نريد من وراء هذه المودة التى بينك وبين السلطان أن نجعلها كنزا وذخرا ليوم الفاقة ، وحين انقلاب الحظ من أجل أبناءك ، وأهلك فقد كان الوداد قرنا بعد قرن بين دولة آبائكما حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم صداقة الآباء قرابة البناء ولسنا نعلم وسيلة لتشييد أركان هذا البناء وتأسيس وتوطيد بنيان هذه الأمنية ، سوى أن تتزوج من ابنته التى دفعت مهرها وتكاليف رضاعتها ، حيث انقضت سنواتها على ذلك ، وقد نمت وأن تقطن زهرتها من بستان طبرستان وتأتى بها إلى مخدعك ، فلما وصل هذا الكلام نهايته نظر" الإصفهبد" إلى رجل منهم فكانوا جميعا متفقين على هذا الفكرة فيما عدا على كيا فيرزكوه حيث قال : ليكن عمر ودولة مليك الإسلام دائمين ما بقى العالم ، إن العقل يجد مساحة هذه الفكرة ضيقة على حركته الصلاح بعيدة مائة فرسخ هربا منها.