باحتساء الشراب ، وكل من قالوا له من أطراف الولاية أنه كان يعترض على تلك الفتنة ، أو مجرد أنه ينطق بكلمة على لسانه فكان يأمر بإحضاره وقتله ، وكان لديه فى القصر على الدوام بين ثلاثمائة وأربعمائة غلام أمرد ، ولو قيل بأن شخص ما قد نظر إلى أحدهم أو داعبه كان يأمر بتعليق الاثنين ولم يكن لمخلوق قط جراءة أن يقيم ألفة مع أحد منهم أو يستطيعوا هم أيضا أن يتحدثوا مع أى شخص.
" ذكر قتل الإصفهبد حسن على يد غلمانه"
استاء الأتراك وتعاهدوا معا ، وذات ليلة كان هو مشغولا فيها بالشراب حتى الصباح فى قصر" زارم" ، وعند ما كان يتناول الشراب لم يكن أى مخلوق من الذين كانوا يخدمونه من الصغير والكبير و" الترك" و" التاجيك" والجند والحواشى وأهل القلم يتركه ويمضى إلى حجرته ، إذ إنه لو طلب أحدا ولم يجده ماثلا أمامه كان يأمر (١١٨) بتعليقه على الفور ، ولما نام فى الصباح تفرق الناس من القصر ، ومضوا للاستراحة والاسترخاء فى منازلهم ، وحمل ثلاثمائة غلام السلاح ومضى بعضهم إلى البلاط واقفين ومراقبين وأقبل البعض إلى القصر ، وكان هو نائما على سريره وقد وقف لحراسته غلامان فقطعوه إربا إربا بالسيف والحربة والرمح ؛ لدرجة أنه لم يبق به عضو من الأعضاء سليما ثم خرجوا ومضوا إلى بوابة القصر ، وقالوا إن" الإصفهبد" يقول لا تتركوا أحدا بالداخل وذهبوا من هناك إلى البلاط ، وركبوا الخيول ، واتجهوا إلى طريق" لند" وعلم" شاه أردشير" بهذا الأمر فركب جواده ليتعقبهم ومعه خمسين فارسا ؛ فقال الناس إنهم ثلاثمائة رجل قاتل وأنت ملك ولا يجوز لك أن تتعقبهم ، فعاد وبعد مدة أمسكوا بهم وردوهم إليه جميعا من الرى و" أبخاز" و" خوارزم" و" خراسان" فكان يأمر برميهم بالسهام فى مدينة" سارى" على كل من يحضروه سواء أكان فردا أو اثنين أو عشرة ، وخلال عام واحد ، لم يبق أى أحد منهم جميعا على قيد الحياة ، وكان له خمسة أولاد أربعة بنين وبنت واحدة وقد توفى يزدجرد قبله وبقى له ولدان" حسام الدولة أردشير" وفخر الملوك" رستم" وبنت أخرى صالحة لم يشهد العالم أميرة مثلها فى صيانة النفس والعبادة والتقوى والورع والزهد والتدين ، ولما كان فى عصرهم عجائب ووقائع شاهدوها من مصائب الزمان فسوف يرد شرحهم ـ إن شاء الله ـ عند ما توفى" الإصفهبد الشهيد علاء الدولة" يقول" ناصر الدين روزبهان" فى مدحه : ـ