أسباب الفتنة والفساد ، وسيضيع البيت القديم ، ولما علم شمس المعالى أن اجتماع أمرهم على العناد واتفاق كلمتهم على دواعى الفساد والشر فقد غادر إلى بسطام برحله ومتاعه وخواص مماليكه وبقايا متاعه ، وظل ينتظر خاتمة الأمر ، وما يؤول إليه الحال ، وعند ما علم الجند بأخباره طالبوا منوجهر بمحاربته وتشريده من تلك المناطق ، فذهب معهم مضطرا ليدفع الشر بالشر ، وعند ما اقتربوا من قابوس قام باستدعاء ابنه إليه ، ولما وصل منوجهر لخدمة والده قبل الأرض ووقف أمامه فى تواضع تام وسالت الدموع من عينيه ، وبدأ كل منهما يبث الشكوى للآخر عن تلك الواقعة المشؤومة ، وينفث عن صدره ، واتفقا على رعاية حق الأبوة والبنوة وصدق الضمير فى الالتزام بجانب الصواب ، وقال الأمير منوجهر لوالده : لو تسمح لى بذل رأسى وصد هؤلاء القوم ، فهدأ شمس المعالى من روعه ، وطيب خاطره وقبل جبينه وقال له : إن نهاية أمرى ومآل حالى هو هذا وميراث ملكى وقصرى هو وقف عليك ، وهذا الأمر مرهون بك فى حال الحياة وبعد الممات ، وسلم له خاتم الملك ومفاتيح الخزائن ، وتقرر بعد ذلك أن يعيش شمس المعالى فى جناشك وينشغل بالعبادات والأوراد ، وأن يدع شؤون الحكم وأمور الحل والربط فى يد ابنه منوجهر ، وانتقل شمس المعالى إلى جناشك ، وعاد منوجهر إلى جرجان ، وانشغل بضبط الأمور ، ولم تكن تلك الجماعة تشعر بالطمأنينة لسابق زلتهم ، ولم يكن غضب الجميع بسبب عواد أضرار وغوائل قابوس تتناقض فاحتالوا بكل أنواع الحيل والمكر ورغب الجميع فى وفاته والتخلص من روحه ، ولم يرضوا حتى وقفوا عند مضجعه وكشفوا رداء الردى عن غرته الغراء ورأوه بأعينهم ميتا ، وبلغوا مرادهم ، واستراحوا من صواعق سيوفه وأسنة رماحه ، ودفنوه فى القبة التى كان قد شيدها فى ضواحى جرجان على طريق خراسان.
ذكر منوجهر بن قابوس
أقام الأمير منوجهر العزاء ثلاثة أيام وفق عادة الديلم ، وبعد ثلاثة أيام جلس على عرش السلطنة ، وأخذ البيعة لنفسه ، ونسى قابوس :