كأن لم يكن بين الجحون إلى الصفا |
|
أنيس ولم يسمر بمكة سامر (١) |
وكتب مرسوم من ديوان الخلافة إلى الأمير منوجهر اشتمل على العزاء ، وتوليه الملك ، ومنحه أمير المؤمنين القادر بالله لقب ملك المعالى وحالف التوفيق والسعد ، فاعتز بطاعة ومؤازرة السلطان ومشايعته ، وسد ثغرة حادثة والده بقوة الأشبال ، وبالإشفاق فى ظل تأييد السلطان له حيث بعث إلى بلاط الخلافة من أعوان حضرته ، وتقرب إليه بالعطايا الموفورة والنفائس المذخورة وكل المشتهيات التى لا تحصى ، وأعلن صدق النية فى طاعة حضرة السلطان ، وتلقى السلطان هذه الوسائل والأسباب والذرايع بين القبول والاستحسان ، ووضع معيار ولائه موضع الاختبار ، وبعث له بأن يطرز الخطبة والعملة فى ولايته بألقاب حضرته الملكية ، وبعث إليه أبو محمد بن مهران ومعه الخلعة والتكريم اللازم ، واستقبل الأمير منوجهر ذلك المرسوم بالسمع والطاعة ، ونادى بشعار دعوة السلطان على منابر ممالك جرجان وطبرستان وقوش ، وتعهد بدفع خمسين ألف دينار على سبيل الخراج ، وكان يبعث بها إلى الخزانة سنويا ، وعند ما نهض السلطان للقتال فى غزوة نادرين طلب منه السلطان جندا ، فأرسل إليه ألف رجل من خواص الديالمة ومن خيرة الجند والذين كانوا فى الهضاب والنجاد كالوعول ، وفى الوهاد كالسيل ، وكرّس جميع الجهود فى عونهم ومساعدتهم فى إعداد مؤن السفر وتجهيز مستلزمات سفرهم وراحتهم ، وكلف أحد أعوأنه لقضاء حاجاتهم والقيام بأمر مطالبهم ، ولما كانت آثار مساعيه موضع رضا وقبول واستحسان حضرة السلطان ، وتأكد صدق خدمته له قام منوجهر بإيفاد أبو سعد الشوكلى رئيس جرجان والذى كان أعظم رجالات عصره فى الحسب والنسب إلى حضرة السلطان حتى يدعم علاقات المصادقة بصلة النسب ، ويقوم بخطبة إحدى كريمات حضرة السلطان له ، فكان السلطان سمحا فى رد سؤاله ، وحقق مأموله ، ولبى طلب ملك المعالى ، وعند ما عاد ذلك الرئيس قصّ كل ما وجده من إكرام وإنعام السلطان فى تلبية طلبه ، فأوفده ملك المعالى مرة أخرى ، وبعث معه قاضى جرجان
__________________
(١) ورد ذكر هذا البيت فى الجزء الأول من الكتاب ص ٣٠١ ، من المتن ، المحقق.