وأمده شهريار بالمدد إلى أن وصل بلاد الروم وأقام لنفسه مخيما فى زاوية من معسكر الخليفة ، وقضاء فقد تحاربوا فى ذلك اليوم والتحم المبارزون فى ميدان النزال وفى الحال أزال قارن الغطاء من على جواده وحمل على كتفه الدرع الجيلى ذات الذهب الخالص وتوجه مع جنده إلى الحرب وحملوا على طرف من أطراف الرومان فهزموا ذلك الطرف وأسروا بطريقا من بطارقة الرومان وحملوا من ذلك الجانب على جانب آخر فهزم جند ذلك الجانب أيضا ونكلوا بهم ، وكانوا يرددون الحكايات وكان المأمون يتابعهم فى قلب جيشه وكان يسأل فى كل لحظة من أى فرقة أولئك القوم ومن ذلك الفارس صاحب الدرع الذهبى الذى لم يكن موجودا فيما بيننا فمن أين أتى؟ فقال المقربون له جميعا ليس معلوما لنا أيضا وقد بقينا نفكر فى هذا وكان يرسل المدد من الفرسان متعاقبين ولما كثر عدد أعوان قارن وكبرت شوكته أطلق عنان الركاب وأشار قائلا فلتتبعنى مجموعة وتهجم ، وحمل بنفسه على قلب ملك الروم ورفع العلم من مكانه ومزقه بالحربة فلحق به المأمون من قلب جنده فانهزم جيش الروم وأمر المأمون بأن يحضروا الفارس صاحب الدرع الذهبى أمامه فمثل إلى خدمة المأمون وهو راجل ومتشح بملابس الحرب وقبّل ركاب المأمون وطأطأ رأسه فعلم الخليفة أنه قارن بن ونداد هرمزد فأكرمه وأمر بإجلاسه ولاطفه كثيرا ولما نزلوا أرسل له التشريفة وبقى فترة فى خدمة الخليفة وقد طلبوا منه عدة مرات بالإيحاء والتصريح أن يسلم حتى يصبح مولى أمير المؤمنين ويتركوا له طبرستان فلم يقبل ، وفى النهاية أرسلوه إلى الولاية بالعهد والميثاق فغضب عليه الإصفهبد شهريار بن شروين وضم الكثير من مواضعه إلى ديوانه وبحكم أن كان للإصفهبد شهريار بن شروين قوة وقدرة أكثر منه فلم يجد بدا من الانقياد إليه ، ولاحت له رؤية ذات ليلة فى المنام أنه صعد فوق قمة جبل وبال فخرج من بوله نار تطايرت فأحرقت كل قوهستان ووصلت من الجيل إلى الفلاة فكانت تحرق كل شجرة وصحراء تبلغها فاستدعى المفسرين وطلب تفسيرا فقالوا سيخرج من صلبك ولد يصبح ملكا على جبال وفلاة طبرستان ولكنه سوف يكون ظالما وفاسقا وقتّال وفتّاك وانتشر هذا الخبر فى كل طبرستان ، وفى ذلك العام جاء له ولد أطلق عليه مازيار ولما مرت عليه الأعوام وأصبح بالغا كان من بين جملة أبناء قارن عظيم المحتد أكثر كفاءة ، فلما هلك قارن وجلس مازيار فى مكان أبيه فطمع فى ولايتهم الإصفهبد شهريار بن شروين فكان يتحرش بهم وامتد الأمر إلى أن تحاربا فى النهاية فهزمه شهريار بن شروين واستولى على ولايته فالتجأ مازيار إلى وند اميد بن وند اسفان طالبا الأمان وبعث شهريار برسالة مفادها اقبض