أراد أن يغادر المدينة أمر بأن يضعوا مائتى دينار من الذهب فى كيس أسود وقال للفضل احمله إلى موسى بن جعفر وقل له إننا نعانى ضيق ذات اليد الآن ونطلب العذر عن التقصير لوقت آخر ، وكنت أنا قد وقفت أمام صدر والدى وقلت : يا أمير المؤمنين لقد بذلت له المزيد من الترحيب والتعظيم فى ذلك اليوم وأعطيت أقل شخص من المهاجرين والأنصار ألفين أو ثلاثة أو خمسة آلاف دينار واليوم ترسل له مائتى دينار فقال اسكت لا أم لك فإنى لو أعطيته هذا ما ضمنته ولا كنت آمنه أن يضرب وجهى غدا بمائة ألف سيف من شيعته وموإليه ، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لى ولكم من بسط أيديهم وأعينهم وفى النهاية وبرغم الغلو الكبير فى التشيع إلا أن صورة ملك الدنيا بدت له متشحة بقباء البقاء ومحفوظة من عناء الفناء وتلا سورة الإقبال دون وعى ونثر فى سويداء ، أصدره بذور الحقد على الرضا عليه السلام ، فلم يدرك شراك الشرك وكأشعب طماع أصبح يظن الوهم والأمل يقينا وأصبح يظن السهم قوسا أو أن النبات ينبت من الجبل أو يأت من الباكورة نبات ، فلطخ وجهه بدخان الظلم وأفسد دينه ودولته وركب حمار الغرور وظل يلاحق أتباع الأتباع إلى أربعمائة عام بحيث ظلت يد الظلم تلطم قفا بدون مسافة هم والدنيا تصيح صارخة بمضمون هذا الشعر.
باءوا بقتل الرضا من بعد بيعته |
|
وأبصروا بعض يوم رشدهم وعموا |
لا يطغين بن العباس ملكهم |
|
بنو على موإليهم وإن زعموا |
لا بيعة روعتهم عن دمائهم |
|
ولا يمين ولا قربى ولا رحم |
كم غدرة لكم فى الدنيا واضحة |
|
وكم دم لرسول الله عندكم |
وهذا هو نفسه لوم الدنيا الذى ناء بحمله إلى عقوبة الآخرة التى نزلت به فبم إذا أحقق من ذلك الذى حققه ، أنه ذاك الذى ما زال ينوء به قال عز من قائل (" الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ")(١)
يا أرض طوس سقاك الله رحمته |
|
مإذا حويت من الخيرات يا طوس |
طابت بقاعك فى الدنيا وزينها |
|
شخص زكى بسناباد مرموس |
__________________
(١) إشارة إلى أن الكاتب كان يؤرخ الأحداث حتى تلك الفترة.