شخص ما يليق به اعتبارا من خمسة آلاف إلى مائتى دينار من الخلع والإنعام والنفقة وذلك على قدر شرفه وحسبه ونسبه ، وكان قد لبث يوما يقوم بهذا الأمر فلما فرغ وبات خاليا دخل الفضل بن الربيع وقال يا أمير المؤمنين لقد وصل رجل إلى البلاط يقول أنا" موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب" ، فلما سمع والدى ذلك وكنت أنا والأمين والمؤتمن نحن الثلاثة قد وقفنا خلفه فنظر خلفه وقال لنا حافظوا على وقاركم من الاضطراب وكونوا على أدب ووقار ، وقال للفضل بن الربيع أدخله ولا تدعه يترجل عن راحلته إلى أن يصل إلى بساطى وعندما رأيته من بعيد وجدت شيخا هرما قد أنهكته العبادة كأنه شن بال قد كلم السجود جبهته وأنفه ، ولما رأى والدى ألقى بنفسه من فوق الحمار فقال والدى لا والله إلا على بساطى فأركبه الحجاب مرة أخرى ولما وصل بجوار البساط ترجل واستقبله والدى فى آخر البساط واحتضنه وقبل عينيه وأمسك بيده وأجلسه معه فى صدر المجلس وأخذ يناديه بكنية" أبى الحسن" تارة وبكنية أبى إبراهيم تارة أخرى ، وسأله كم من الأولاد تعول فقال : خمسمائة فقال أبى أجميعهم أبناؤك وبنوا أخوالك وبنوا أعمامك فقال : لا بل أكثرهم موال أما الولد فلى نيف وثلاثون ولدا فقال أبى لما لا تعطى بناتك لأبناء الأعمام الأكفاء فقال حال ضيق ذات اليد دون ذلك فقال أبى ما حال الضيعة ودخل الأملاك فقال : تدر حينا وحينا لا تدر فقال أبى كم عليك من الديون قال عشرة آلاف دينار فقال يا بن العم سوف أعطيك مالا كثيرا تزوج منه أبناءك وبناتك وتسدد دينك ولتعمر الضياع فقال موسى بن جعفر يا بن العم يشكر الله هذه النية الجميلة والرحم الماسة وما أبعدك أن تفعل تلك وقد بسط يدك وأكرم عنصرك وأعلى محتدك ، فقال والدى : أفعل ذلك يا أبى الحسن وكرامة ثم قال موسى بن جعفر يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل قد فرض على ولاة عهده أن ينعشوا فقراء الأمة ويقضوا عن الغارمين ويؤدوا عن المثقل ويكسوا العارى ويحسنوا إلى العانى وأنت أولى من يفعل ذلك فقال والدى سأفعل مثل هذا ، وعندئذ نهض موسى عليه السلام ونهض والدى لأجله أيضا وقبل كلتا عينيه ونظر إلينا وقال يا عبد الله ويا محمد إذهبوا مع عمكم وأمسكوا بركابه وأركبوه وبشرنى موسى عليه السلام بالخلافة دون أن يدرك إخوتى ذلك وقال إذا ملكت هذا الأمر فأحسن إلى ولدى فلما مضى هو ذهبنا عند والدنا ، وكنت أنا أشجع من كل إخوتى فقلت له يا أمير المؤمنين من هو هذا الرجل الذى منحته كل هذا الإكرام والتعظيم ؛ فأجاب بأنه هذا هو إمام الناس فقلت أولست أمام الناس فقال لى أنا إمام الجماعة بالقهر والغلبة ، وعند ما