«فصل : وقد يقع المصدر حالا» إلى آخره
قال الشيخ : قد بيّن في هذا الفصل أنّهم استعملوا ألفاظ المصادر واقعة في معنى الحال ، كما أوقعوا ألفاظ الأحوال واقعة (١) مصادر ، ثم مثّل بوقوع ألفاظ (٢) الأحوال مصادر ، كقولهم : «قم قائما» (٣) ، ومعناه : قم قياما ، لأنّ «قائما» لا يستقيم أن يكون حالا لتعذّر تقدير الحال فيه ، لأنّك إذا جعلته حالا لم يكن إلّا من المضمر الفاعل في «قم» ، وإذا جعلته حالا من المضمر وجب أن يكون القيام مقيّدا ، ولا يستقيم أن يكون «قائما» مقيّدا للقيام ، لأنّه هو هو ، فكيف يكون تقييدا (٤) له؟ فوجب أن يعدل به إلى معنى المصدر ، فيكون التقدير : قم قياما ، والمصدر يؤتى به تأكيدا (٥) للفعل فيصحّ تقديره به ، وكذلك قوله (٦) :
.............. |
ولا خارجا من فيّ زور كلام |
تقديره : ولا يخرج خروجا ، لأنّ قوله : «ولا خارجا» معطوف على قوله : «لا أشتم» ، وهو الذي حلف عليه ، فلا بدّ من أن يكون جملة ، وإذا وجب أن يكون جملة وجب أن يكون (٧) المعطوف عليه جملة ، ولا يكون جملة إلا بتقدير «ولا يخرج» فوجب تقدير ذلك ، فصار مثل قولهم : «قم قائما» ، فوجب تقديره (٨) : ولا يخرج خروجا ، فصار المعنى : «حلفت لا أشتم مسلما
__________________
(١) لعل كلمة «واقعة» مقحمة هنا.
(٢) سقط من ط : «ألفاظ».
(٣) وردت هاتان الكلمتان في بيتين من مجزوء الرجزهما :
«قم قائما قم قائما |
لقيت عبدا نائما» |
ونسبهما العيني إلى امرأة من العرب انظر المقاصد : ٣ / ١٨٤ ، ووردا بلا نسبة في الخصائص : ٣ / ١٠٣ ، والصاحبي : ٢٣٧.
(٤) في ط : «مقيدا».
(٥) في د : «التأكيد» ، وسقط من ط : «تأكيدا» وهو خطأ.
(٦) هو الفرزدق ، وصدر البيت : «على قسم لا أشتم الدّهر مسلما» ، وهو في ديوانه : ٢ / ٢١٢ والكتاب : ١ / ٣٤٦ ، ومعاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٠٨ والكامل للمبرد : ١ / ١٢٠ ، وأمالي المرتضى : ١ / ٦٤ ، وشرح شواهد الشافية : ٧٢ ـ ٧٩ ، وورد بلا نسبة في المقتضب : ٣ / ٢٦٩ ، والمغني : ٤٥٢.
(٧) سقط من ط : «جملة وجب أن يكون» ، خطأ.
(٨) في د : «تقدير ذلك».